Episoder
-
السيد محمد بن أحمد بن ناصر البوسعيدي الغشَّام (ت: 1348هـ/ 1929م)، والي مطرح ووزير المالية، وأحد أعضاء مجلس وزراء السلطان تيمور بن فيصل (1331-1350هـ/ 1913-1932م). من ولاية السيب. والغشَّام لقب لوالده (ق: 13هـ/ 19م) الذي كان والياً للسلطان تركي بن سعيد (1287-1305هـ/1871-1888م). كان السيد محمد بن أحمد الغشَّام من رجال دولة السلطان تيمور بن فيصل، وعُين في بداية الأمر والياً على مطرح، وعدما سافر السلطان تيمور للعلاج إلى الهند سنة 1920م عين مجلس وزراء مخولا بإدارة شؤون البلاد، يتكون من: أخيه السيد نادر بن فيصل (ت: 1391هـ/ 1971م) رئيساً، ومحمد بن أحمد الغشَّام وزيراً للمالية، وراشد بن عزيز الخصيبي (ت: 1363هـ/ 1944م) قاضياً لمسقط، والزبير بن علي الهوتي (ت: 1376هـ/ 1956م) وزيرا للعدل. وحالما تقاعد السيد نادر وطلب الإعفاء من مهمته سنة 1345هـ/ 1926م حلَّ مكانه محمد بن أحمد الغشَّام رئيسا للمجلس، وظل كذلك إلى وفاته في ربيع الأول 1348هـ/ أغسطس 1929م، ثم خلفه السيد سعيد بن تيمور رئيسا لمجلس الوزراء.ومن الأدوار الرئيسية والأحداث المهمة التي كان للسيد محمد بن أحمد الغشَّام دور فيها اتفاقية السيب، حيث أنه ناب عن السلطان تيمور في توقيع اتفاقية السيب مع ممثل الإمام محمد بن عبد الله الخليلي. ففي إحدى نسخ اتفاقية السيب يوجد توقيع السيد محمد بن أحمد الغشَّام. كانت وفاة السيد محمد بن أحمد الغشَّام البوسعيدي في عام 1929م.ومن البيوت الأثرية التي تلتصق بهذه الشخصية المهمة "بيت الغشَّام"، حيث يعد بيت الغشَّام الأثري أحد المعالم الأثرية بولاية وادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة. يقع هذا البيت ببلدة أفي وهو منزل السيد محمد بن أحمد بن ناصر الغشَّام البوسعيدي، وسُمّي البيت بالغشَّام نسبة إلى صاحبه السيد محمد الذي كان يُعرف بهذا اللقب، وقد كان يسكن هو وعائلته في هذا المنزل. ثم صار البيت للسيد أحمد بن هلال بن علي البوسعيدي والد المرداس بن احمد وقد كان سكنه الدائم. بحسب ما جاء في حديث مدير المتحف سعيد النعماني. وأضاف بأن سكنه أيضاً صاحب السمو السيد أسعد بن طارق بن تيمور وصاحب السمو السيد طلال بن طارق بن تيمور وأسرتهم، وذلك عندما كانوا يأتون لقضاء الإجازة مع جدهم السيد أحمد بن هلال، ثم صار البيت ملكاً للسيد المرداس بن أحمد البوسعيدي، ثم اشتراه السيد علي بن حمود بن علي البوسعيدي بهدف ترميمه وتحويله إلى متحف.وبحسب المصادر التاريخية وبناء على التنقيبات الأثرية وتتبع المكونات الرئيسية بالبيت والبحث والتحري في النقوشات والشواهد الموجودة بالكتابات الجدارية والنقوش على النوافذ والأبواب، فإن فترة بنائه ترجع إلى عهد السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي - أي أن عمر البيت يتجاوز 200 عام تقريبا-. والبيت مصمم على الطراز والفن المعماري العُماني ويحوي العديد من الغرف بالإضافة إلى الصباح والسبلة وبعض الغرف المحصنة، بالإضافة إلى أبراج المراقبة والحوش الكبير والبئر وأماكن تخزين التمور. ويضم المتحف مرافق أخرى وهي: مكتبة الغشَّام والمسرح المفتوح وقاعة المحاضرات والتدريب.
-
قاد الشيخ بشير بن سالم الحارثي الثورة ضد الاستعمار الألماني في عهد السلطان خليفة بن سعيد بعدما أعلنت الحماية الألمانية على شرق إفريقيا متمثلة في شركة شرق إفريقيا الألمانية بعد مؤتمر برلين (1884-1885م). وُلد الشيخ بشير في جزيرة بمبا (الجزيرة الخضراء) بساحل شرق إفريقيا. كان والده من أثرياء زنجبار واشتهر ببنائه المنازل الجميلة فيها. نشأ بشير بزنجبار، ثم عمل بتجارة العاج في داخل شرق إفريقيا.كان من أبرز الأسباب المحرضة على قيام الثورة اعتراف السلطان خليفة بحق الألمان في إدارة المنطقة الممتدة من أومبا إلى رفوما، وموافقته على تأجير الشريط الساحلي لهم. فاعترض الأهالي على هذا الأمر، وهددوا بالخروج عن طاعة السلطان، ووافقهم الشيخ بشير بن سالم الحارثي الذي رأى أنه لا يحق للسلطان خليفة الموافقة على نقل السيادة على الساحل للألمان، وفرض رسوم جمركية باهظة على الصادرات، وإدخال قوانين ونظم تجارية جديدة لم يألفها السكان. في 16 أغسطس 1888م أقام الألمان احتفالا في بلدة باغامويوا بمناسبة موافقة السلطان خليفة على نقل السلطة على الساحل لهم، وقاموا بإنزال العلم السلطاني من دار الوالي، ورفع العلم الخاص بمستعمرة شرق إفريقيا الألمانية، بينما كان الاتفاق ينص على رفع علم السلطان، مما أدى إلى غضب السلطان واحتجاج رجال السلطة العرب الموجودين في الاحتفال والسكان من عرب وأفارقة.ولفهم ما حدث فعلياً نعود لتوضيح اتفاقية تأجير البر الأفريقي، حيث تمكن الألمان بعد شهرين من تولي السلطان خليفة مقاليد الحكم في زنجبار –وبأسلوب الضغط- من إنهاء المفاوضات معه، ونص الاتفاق على منح شركة إفريقيا الشرقية الألمانية الشريط الساحلي الممتد من أومبا إلى روفوما، والمعروفة تاريخياً باتفاقية تأجير البر الأفريقي، وتم توقيعها في 16 شعبان 1305هـ/ 28 أبريل 1888م، وتتضمن الاتفاقية أربعة عشر بنداً بحسب الرصيد الوثائقي للسلطان خليفة بن سعيد البوسعيدي، هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. وفي 16 من أغسطس 1888م، تم نقل السلطة رسمياً إلى الشركة.كانت الاتفاقية مع الشركة الألمانية تنص على أن تدير الشركة المنطقة الساحلية من أومبا إلى روفوما نيابة عن السلطان خليفة وتحت اسمه، وأن يظل علمه مرفوعاً مع الاعتراف بكامل حقوق زنجبار السيادية. لكن ما إن تسلمت الشركة المنطقة حتى تنكرت لعهودها فأنزلت العلم السلطاني ورفعت علمها مكانه وطالبت السكان بتسجيل الأراضي واستفز موظفوها السكان مما أدى إلى ظهور حركة المقاومة بقيادة الشيخ بشير بن سالم الحارثي. واتهم الألمان السلطان خليفة بالتحريض على الثورة ودعمها بالمؤن والسلاح، فأقنعوا البريطانيين بمشاركتهم في فرض الحصار على ساحل زنجبار منعاً لوصول السلاح للثوار. وبسبب هذه الثورة انتقلت إدارة المستعمرة الألمانية في شرق أفريقيا من شركة شرق أفريقيا الألمانية إلى الرايخ الألماني (البرلمان)، وطلبت الشركة من الحكومة الألمانية المساعدة في القضاء على هذه الثورة وهو ما يفسر تدخل المستشار الألماني بسمار لمحاولة تهدئة الأوضاع مع السلطان خليفة بن سعيد، وهو ما توثقه رسالة مؤرخة في 10/3/1307هـ- 3/11/1889م إلى السلطان خليفة بن سعيد يبلغه فيها رغبة الامبراطور الألماني في استقرار الأوضاع في منطقة البر الأفريقي طالباً مساعدته في تحقيق ذلك، كما يبلغه الموافقة على طلب جلالته في خفض ضريبة العشور التي تأخذها الشركة الألمانية. كما أرسل بسمارك المستشار الألماني إلى السلطان خليفة يبلغه رفضه للفعل الذي قامت به الشركة برفع علمها إلى جانب علم جلالته، كما يوضح له أنه سينظر إلى الشكاوى المرفوعة ضد الشركة الألمانية الأفريقية بخصوص الضرائب بالرجوع إلى الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، وأخيراً يؤكد على حرص الامبراطور ولهلم على علاقات الود والصداقة بين البلدين. عموماً استغلت ألمانيا إمكانياتها العسكرية والضوء الأخضر من الإنجليز، وتمكنت بعد جهد جهيد من القضاء على ثورة الشيخ بشير بن سالم الحارثي والقبض عليه وإعدامه بتاريخ 15 ديسمبر 1889م.ويذكر المغيري في كتابه جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار عن هذه الثورة، أن السلطان خليفة بن سعيد كان مع ثورة الشيخ بشير الحارثي، فيقول: "وكان يمده (يعني السلطان خليفة) بالآلات الحربية والمأكولات حتى يتقوى على مقاومتهم، لأن هذا السيد كان أشد السادة المتقدمين بغضا للأوربيين وعداوتهم، حتى قيل إنه يحجر على النصارى المبيت في بلدة زنجبار ولا رخصة لهم أن يبقوا بها بعد غروب الشمس".
-
Manglende episoder?
-
تم تحديد 18 نوفمبر كيوم للاحتفال به كعيد وطني لعُمان، وهذا التاريخ هو تاريخ ولادة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد البوسعيدي (1390-1441هـ/ 1970-2020م). هو السلطان الثامن المنحدر رأساً من الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية في عام 1156هـ/ 1744م. ولد جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- في مدينة صلالة في 18 نوفمبر عام 1940م.في سنواته المبكرة؛ تلقى جلالته التعليم في عُمان فحفظ القرآن الكريم وتعلم قواعد اللغة العربية والنحو وأصول الدين والفقه، كما درس المرحلة الابتدائية في المدرسة السعيدية بصلالة. في سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى المملكة المتحدة فواصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة (سافوك)، ونظراً للأوضاع العسكرية التي سادت عُمان خلال فترة نشأته فقد وجهه والده السلطان سعيد بن تيمور لدراسة العلوم العسكرية، حيث التحق بالأكاديمية العسكرية الملكية بساند هيرست في عام 1960م وتخرج منها برتبة ملازم، ثم انضم إلى كتيبة الكالاميردنيانز الأولى في ألمانيا الغربية آنذاك، حيث أمضى ستة أشهر كمتدرب في فن القيادة العسكرية وقيادة الأركان. عاد بعدها إلى المملكة المتحدة حيث تلقى تدريباً في أسلوب الإدارة في الحكومة المحلية هناك وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة وتنظيم الدولة. ثم قام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة أشهر زار خلالها العديد من دول العالم عاد بعدها إلى مدينة صلالة في عُمان في عام 1383هـ/ 1964م. وقضى ست سنوات في دراسة الدين الإسلامي وكل ما يتصل بتاريخ وحضارة عُمان دولة وشعباً على مر العصور وقد أشار في أحد أحاديثه إلى أن إصرار والده على دراسة الدين الإسلامي وتاريخ وثقافة عُمان كان لها الأثر العظيم في توسيع مداركه ووعيه بمسؤولياته تجاه شعبه العُماني والإنسانية عموماً. تسلم السلطان قابوس مقاليد حكم سلطنة عُمان في 20 جمادى الأولى 1390هـ/ 23 يوليو 1970، وسُمي هذا اليوم بيوم النهضة المباركة، وامتدت فترة حكم السلطان قابوس 50 عاماً حتى وفاته 14 جمادى الأولى 1441هـ/ 10 يناير 2020م. تتلخّص أهم إنجازات السلطان قابوس في أنه أسس حكومة على النظام الديمقراطي، فبدأ بتكوين سُلطة تنفيذية مؤلفة من جهاز إداري يشمل مجلس الوزراء والوزارات المختلفة، إضافة إلى الدوائر الإدارية والفنية والمجالس المتخصصة ومن أولى الوزارات التي أسَّسها السلطان قابوس بعد توليه مقاليد الحكم مباشرة وزارة الخارجية. فقد أسسها بعد فترة قصيرة من توليه الحكم في 23 يوليو 1970م محققاً بذلك روابط وصلات بالعالم الخارجي مبنية على أسس مدروسة وبعد عام واحد من توليه عام انضمت عُمان إلى جامعة الدول العربية في 29 سبتمبر 1971م.كان السلطان قابوس –طيب الله ثراه- حريصاً على التراث والتاريخ العُماني كأساس لنهضة عُمان المباركة، وهذا الحرص ظهرً جلياً في خطاباته السامية وخطواته في برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونقتبس بعضاً مما جاء في خطابه السامي:"وفي الوقت الذي نحرص فيه على ترسيخ مفهوم عام وشامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يتوجب علينا جميعاً أن نضع نصب أعيننا باستمرار أن التطور الذ نسعى إليه وننشده في جميع المجالات، يجب أن يقوم في جوهره على أساس قوي من تراثنا العريق، ووفقاً لتقاليدنا وعاداتنا الموروثة المتوائمة مع واقع الحياة والظروف الموضوعية التي نعيشها، حتى يكون للتطوير مردوده الطيب لخير هذا الجيل والأجيال المتعاقبة".
-
أدم هي المدينة التي تعد مسقط رأس الإمام أحمد بن سعيد مؤسس حكم الدولة البوسعيدية الحاكمة لعُمان منذ عام 1744م. ولد الإمام أحمد بن سعيد في حي الجامع بولاية أدم بتاريخ 25 رجب 1105هـ/ 20 مارس 1694م، وبدأ حياته راعياً للإبل، ثم اشتغل بالتجارة. دخل الحياة السياسة في عام 1147هـ/ 1734م بانضمامه إلى الإمام سيف بن سلطان الثاني اليعربي، ومنذ ذلك التاريخ بدأت رحلة التأسيس متنقلاً من أدم إلى مسقط وبركاء وصحار والرستاق ونزوى وعبري، وغيرها من حواضر عُمان العريقة حتى اختياره ومبايعته إماماً لعُمان في عام 1744م بعد الجهود الوطنية الكبيرة التي قام بها في طرد المعتدي الخارجي وتوحيد الجبهة الداخلية.ونقترب قليلاً من مسقط رأس الإمام أحمد بن سعيد والأسرة البوسعيدية، حيث تقع أدم في الجانب الجنوبي من محافظة الداخلية، تحدها من الشمال ولايتا منح وبهلاء، ومن الجنوب ولايتا محوت وهيما بمحافظة الوسطى، ومن الغرب ولاية عبري بمحافظة الظاهرة. وتبعد عن محافظة مسقط حوالي 223 كم، واتخذت من جامع أدم ونخلة الفرض شعاراً لها. وبحسب موسوعة أرض عُمان، أدم: الأَدَم بفتحتين جمع أديم، وقد يجمع على أدِمَة، وربما سمي وجه الأرض أديما. والأدَمة: باطن الجلد الذي يلي اللحم والبشرة ظاهرها. والأُدْمَة: السمرة والأدم من الناس الأسمر والأدم من الإبل الشديد البياض. والشائع في سبب تسمية أدم بهذا الاسم أنه مأخوذ من الأدمة، وهي التربة الخصبة، وكانت أدم سوقا من أسواق العرب في الجاهلية، أو نسبة إلى أديم الأرض بمعنى وجه لأرض، وفي هذا دلالة على قدم البلد وعراقته. وقد أطلقت كلمة "أَدام" بفتح الهمزة على واد بتهامة وبئر بها، كما سمي أحد أودية مكة "أُدام" بضم الهمزة. وقال عنها الجغرافي ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان: "أدم بفتح أوله وثانيه من نواحي عُمان الشمالية" كانت أدم مركزا لالتقاء القوافل التجارية الآتية من الشام وبالعكس في الجاهلية. وتذكر المصادر أن حارة بني شيبان كانت مركزاً لهؤلاء التجار ويعزز ذلك العثور على آثار أثناء إعادة ترميم أحد المساجد بالقرب من المنطقة مثل السيوف والجحال والخروس يعود تاريخها إلى زمن اليعاربة.من الحارات القديمة التي توجد بأدم: حَارة بَنِي شَيبَانْ: حَيث تُعدّ هَذه الحَارة أقدم حَارات الوِلايَة وَأعرَقُها، كَما أَن بِهذه الحَارة سُوقْ قَدِيمْ شَامخ كَأنت تَمرّ بِه قَوافِل رِحلَة الشّتاء وَالصّيفْ. وحَارة البُوسعِيدْ: مِن الحارَات العريقة فِي الوِلاية الّتي وُلِدَ فِيها مُؤسس دَولَة البُوسعيدْ. وحارة المجابرة: وهي من أعرق حارات الولاية ويقف (برج المجابرة) شامخا فيها وقد تم بناؤه في القرن الثامن عشر الميلادي. وحارة مبيرز: من أقدم الحارات واكثرها جمالا معماريا ويسبقها مسجد الرحبة المعروف في الولاية ويقف (برج الرحبة) شامخا فيها. وحارة السوق: تميزت بطابعها الجميل وتضم عددا من المباني القديمة الجميلة.ارتبط تاريخ أدم بعدد من الأئمة والعلماء والفقهاء والسياسيين، على رأسهم: الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي (1156-1198هـ/1744-1783م)، وسالم بن عبد الله بن خلف البوسعيدي (ق: 12هـ/ 18م)، وسليمان بن مبارك بن علي البوسعيدي (ق: 12هـ/ 18م)، والشيخ الفقيه درويش بن جمعة المحروقي (ت: 1086هـ/ 1676م)، ومحمد بن سيف الشيباني (ق12هـ/ 18م)، وعلي بن محمد بن علي بن محمد المنذري (ت: 1343هـ/ 1925م).
-
الوسام السعيدي: وسام له شأن كبير ويحتل مرتبة مميزة بين أوسمة ونياشين سلاطين عُمان وزنجبار، يمنح كوسام مدني وعسكري نظير الخدمات المدنية للدولة والمواقف البطولية في الميادين العسكرية. وتعود تسميته إلى الفترة الزاهرة لعائلة البوسعيد الحاكمة في شرق أفريقيا. ووفقا للوثائق التاريخية الموجودة في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية فقد منح النيشان السعيدي على نطاق واسع في سلطنة زنجبار أثناء حكم السلطان علي بن حمود بن محمد البوسعيدي، إلا أن شكل ودرجات النيشان ورتبه غير معروفة. وتقلد الوسام عدد من المسؤولين والأكفاء في الحكومة في مختلف القطاعات تقديرا لخدماتهم الجليلة. وننقل نص لوثيقة منح النيشان السعيدي مؤرخة بتاريخ 12 ربيع الثاني 1323هـ/ 15 يونيو 1905م:"من سلطان زنجبار علي بن حمود إلى كافة من يراه، فليكن معلوما أننا قد شرفنا محمد بن جمعة المغيري بنيشاننا السامي المسمى بالسعيدي الذي هو من الرتبة الخامسة جزاء له منا لأجل اجتهاده في خدمة دولتنا ليحظى بحمله فخر المتقلدين".كما يوجد وسام آخر حمل نفس الاسم (الوسام السعيدي) استحدثه السلطان تيمور بن فيصل وأطلق عليه أيضاً وسام الدولة السعيدية العُمانية ووسام الشرف السعيدي. وتعود قصة هذا الوسام إلى حضور السيد تيمور بن فيصل حفل تنصيب الملك إدوارد السابع ملك المملكة المتحدة وإمبراطور الهند في دلهي عام 1903م نيابة عن والده السلطان فيصل، وهناك أتيحت له الفرصة للاطلاع على الأوسمة والنياشين والميداليات المختلفة مما خلق في نفسه رغبة عظمى لاستحداث وسام يميزه، وعندما تولى الحكم في عام 1913م استحدث الوسام السعيدي.تجدر الإشارة إلى أن الشيخ الزبير بن علي هو أول شخص منح له وسام الدولة السعيدية العُمانية من حكومة سلطان مسقط وعُمان وهو ما يرد صراحة في وثيقة المنح الصادرة من السلطان تيمور بن فيصل، ثم بعد ذلك منح السلطان تيمور الوسام السعيدي لعدد من المسؤولين البريطانيين والعرب المخلصين في خدمة حكومته. كما منح السلطان تيمور بن فيصل الوسام السعيدي من الدرجة الأولى لرودولف روت ابن السيدة سالمة بنت سعيد بن سلطان البوسعيدي، أثناء زيارته إلى لندن بين شهري سبتمبر وأكتوبر عام 1928م، حيث ظهر رودولف في صورة له وهو متوشحاً عدد من الأوسمة والنياشين من بينها الوسام السعيدي. وهناك وسام آخر يحمل اسم "آل سعيد" تم استحداثه بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها السلطان قابوس –طيب الله ثراه- إلى المملكة المتحدة في عام 1982م. يتألف الوسام من القلادة والشعار والنجمة والوشاح. القلادة مصنوعة من الذهب وبها على التوالي: التاج السلطاني يحيط به إكليل من السعف وشعار سلطنة عُمان، يتدلى من القلادة نجمة من ثمانية أذرع تتوسطها عبارة "سلطنة عُمان" مزخرفة بالذهب على مينا حمراء تحيط بها حلقة دائرية مرصعة بالألماس. يخرج من النجمة ثلاثة عشر شعاعا ذهبيا يتوسط ما بين كل ذراع وآخر ثلاثة أذرع صغيرة مرصعة بالأحجار الكريمة، ومينا أخضر عليها طغرائية صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد. يتألف الوشاح من اللونين الأحمر والأخضر عليه نجمة مماثلة لنجمة القلادة يعلوها التاج السلطاني وحلقة دائرية لتثبيتها على الوشاح. ومما يجدر ذكره أنه تم تصنيع وسام واحد فقط للسيدات من وسام آل سعيد وقُدم لجلالة الملكة إليزابيث الثانية.وللمزيد حول الأسمة والنياشين يمكن الرجوع إلى كتاب: "الأوسمة والنياشين والميداليات في سلطتني عُمان وزنجبار" الصادر عن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.
-
عبد العزيز بن محمد بن سالم الرواحي (1286-1362هـ/ 1869-1941م)، مستشار سياسي ومترجم. ولد في قرية مسلمات بوادي المعاول بمحافظة جنوب الباطنة، وتعلم فيها مبادئ الفقه والأدب، كما تعلم الخط من والدته. تزوج أرملة السيد إبراهيم بن عزان بن قيس البوسعيدي، وله من الأبناء سيف وكان قاضياً للإمام محمد بن عبد الله الخليلي وله العديد من المؤلفات العلمية منها: رسالة مختصرة في عقيدة المذهب الإباضي. وله من الإخوة ثلاثة؛ سالم وعبد الرحمن وعبد الله. فأخيه سالم تحلى بمكانة كبيرة عند سلاطين الأسرة البوسعيدية في زنجبار وكان الكاتب والخطاط الشهير للسلطان برغش بن سعيد سلطان زنجبار (1287-1305هـ/ 1870-1888م)، ومن أشهر أبناء أخيه سالم القاضي محمد بن سالم الرواحي الذي تحلى بمكانة مهمة -كوالده- عند سلاطين البوسعيد في زنجبار، وعينه السلطان خليفة بن حارب قاضياً على زنجبار واستمر في منصبه حتى عام 1964م إثر انقلاب الأفارقة على نظام الحكم في زنجبار. ومن أبناء أخيه سالم أيضاً الخطاط المشهور هلال بن سالم الرواحي، ولُقِّب بـ "شيخ الخطاطين"، فقد كان كاتب الأوسمة والخطابات والرسائل والطغرائية السلطانية لجلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه-.وبالعودة إلى الشيخ عبد العزيز الرواحي، فقد انتقل من قريته مسلمات إلى زنجبار ليستقر بها مع أخيه سالم، وكان لوالده محمد بن سالم بن سيف الرواحي علاقات واسعة مع حكام عُمان وزنجبار. عمل عبد العزيز في زنجبار مع السلطان برغش بن سعيد، وتوثقت العلاقة بينهما لما تميز به عبد العزيز من حنكة سياسية وإدارية واسعة. وبعد وفاة السلطان برغش ساند ولده السيد خالد بن برغش في مطالباته بالحكم، ثم اضطر عبد العزيز إلى مغادرة زنجبار وسط الضغوط البريطانية بسبب مواقفه تلك. عاد إلى عُمان واستقر في مسقط قريبا من سلاطينها، وبنى بيتا له بجوار قصر العلم، وكان يتردد على بلدته مسلمات بين حين وآخر.طلب السلطان فيصل بن تركي (1305-1331هـ/ 1888-1913م) الشيخ عبد العزيز للعمل معه كاتباً للمراسلات الخاصة والسرية أيضاً. بالإضافة إلى عمله مستشاراً وترجماناً للقنصلية الفرنسية في مسقط منذ افتتاحها سنة 1894م حتى إغلاقها سنة 1920م، وربطته علاقة قوية بالقناصل الفرنسيين، ففي دراسة للباحث الدكتور ناصر العتيقي بعنوان: "التاجر الفرنسي جوجير والمكاتب عبدالعزيز مراسلا جريدة الأهرام المصرية من مسقط (1901-1905م)" يخلص من خلالها إلى أن التاجر الفرنسي جوجير بالاشتراك مع عبد العزيز بن محمد الرواحي مترجم وسكرتير القنصلية الفرنسية بمسقط تعاونا مع جريدة الأهرام المصرية لنشر ما يدور في مسقط والخليج من أخبار ومواقف سياسية واقتصادية وتخصصا في متابعة أخبار رجال الدولة البريطانية وفضح ممارساتها الاستعمارية في حق شعوب الخليج، وفضح مخططاتها المستقبلية في المنطقة نتيجة لذلك أبعدت بريطانيا عبدالعزيز الرواحي من منصبه كسكرتير للسلطان فيصل وحاولت إبعاده من منصبه كمترجم وسكرتير للقنصلية الفرنسية بمسقط.سعى الشيخ عبد العزيز لتوطيد العلاقة بين السلطان تيمور بن فيصل (1331-1350هـ/ 1913-1932م) والإمامة في عهد الإمام سالم بن راشد الخروصي (1331-1338هـ/ 1913-1920م)، ثم في عهد الإمام محمد بن عبد الله الخليلي (1338-1373هـ/ 1920-1954م). وكان له أثر مهم في عقد اتفاقية السيب التي تم تحريرها في 11 محرم 1339هـ/ 25 سبتمبر 1920م. كما جمعته علاقة قوية بالشيخ عيسى بن صالح بن علي الحارثي. كانت وفاة الشيخ عبد العزيز الرواحي في بلدته مسلمات يوم السبت 9 شوال 1362هـ/ 9 أكتوبر 1943م في عهد السلطان سعيد بن تيمور (1350-1390هـ/ 1932-1970م).
-
السيدة عزة بنت سيف بن أحمد بن سعيد البوسعيدية هي الزوجة الأولى للسلطان سعيد بن سلطان مؤسس الإمبراطورية العُمانية، وهي كذلك حفيدة الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية. عمتها السيدة موزة التي ساهمت إسهاماً كبيراً في تمكين السلطان سعيد في الحكم والتوسع في الإمبراطورية. وهي أخت السيد بدر بن سيف بن أحمد البوسعيدي الذي استعانت به عمتهما السيدة موزة وكانت وفاته في عام 1806م بعد صراع محتدم مع زوجها السلطان سعيد.عاشت السيد عزة في قصر المتوني وكانت إدارة القصر والإشراف عليه تحت إمرتها، وكان الأطفال ووصيفات القصر يحيونها كل صباح في شرفة منزلها. والمتوني: قصر في جزيرة زنجبار (جزيرة القرنفل) بشرق إفريقيا، بناه السلطان السيد سعيد بن سلطان، وسمي باسم نهر صغير يجري في ناحيته. يعد قصر المتوني من أقدم قصور العُمانيين في زنجبار، والراجح أنه كان موجودا قبل أن يشتريه السلطان ويوسعه ويجعله قصراً. وقد ابتُدئ بتوسيعه في عام 1832م. كان القصر مكاناً لسكنى السلطان سعيد وزوجاته، يقضي فيه أربعة أيام من كل أسبوع، حيث كان المقر الرئيس له مع ذهابه لبيت الساحل في بعض الأيام، وكان عدد سكانه يربو عن الألف. يقع أمام قصر المتوني، على شاطئ البحر، مظلة (منظرة) واسعة ذات بناء دائري مفتوحة من جميع جوانبها، وكانت تلك المظلة المكان المفضل للسلطان سعيد حيث كان يقصدها مرتين أو ثلاثاً في اليوم لتناول القهوة مع زوجته السيدة عزة بنت سيف وبعض زوجاته الأخريات والبالغين من أولاده.ويمكن قراءة الثقة والتمكين كذلك لهذه السيدة من قبل زوجها السلطان سعيد، فإضافة إلى كونها كانت السيدة التي تدير القصر الرئيس للسلطان سعيد بمن فيه، كانت أيضاً واحدة من بين خمسة مسؤولين تنفيذيين اختارهم السلطان سعيد لتنفيذ وصيته بعد وفاته، وهؤلاء المسؤولون هم: ابن أخيه السيد محمد بن سالم بن سلطان، وزوجته السيدة عزة بنت سيف، وابنه السيد خالد بن سعيد (كان نائباً عنه في زنجبار، وتوفي قبل وفاة والده في عام 1854م) وابنه السيد ثويني (وكان نائباً عنه في عُمان) ورئيس وزرائه السيد سليمان بن حمد البوسعيدي. الجديد بالذكر أن السيدة عزة هي الزوجة الأولى للسلطان سعيد وهي الزوجة الوحيدة بين الزوجات الثلاث التي ظلت زوجة للسيد سعيد حتى وفاته، وتوفيت بعد وفاته بفترة قصيرة من إتمام العدة. فالزوجة الثانية له هي حفيدة شاه إيران فتح علي شاه، تزوجها السلطان سعيد في عام 1242هـ/ 1827م. أما الزوجة الثالثة فهي السيدة شهرزاد بنت أريش ميرزا بن محمد شاه، وهي حفيدة محمد شاه، تزوجها في عام 1252هـ/ 1837م، بعد انتقاله إلى زنجبار. لم تنجب السيدة عزة أطفالاً؛ لكنها تولت رعاية وتربية أحد أحفاد زوجها السلطان سعيد، وهو ابن أكبر أبنائه السيد هلال، وقد رعته وأحبته كثيرًا لدرجة الاعتقاد بأنه ابنها. حيث توفي السيد هلال في سبتمبر 1851م بينما كان في طريقه إلى مكة وترك ثلاثة أبناء؛ سعود وفيصل ومحمد. وتصف السيدة سالمة في مذكراتها زوجة أبيها السيدة عزة بنت سيف البوسعيدية، ومما ذكرته: "...وكانت زوجته الشرعية عزة بنت سيف، وهي سيدة عُمانية، صاحبة الكلمة المطلقة في البيت. كانت تملك رغم صغر حجمها وعدم وجود ما يميزها في المظهر، سلطة كبيرة على أبي، حتى أنه كان يتبع تعليماتها طائعا. وكانت متعجرفة إزاء النساء الأخريات وأطفالهن، متعالية ومتطلبة. وكان من حسن حظنا أنه لم يكن لها أطفال، وإلا لكان طغيانها لا يطاق". وفي مقطع آخر تذكر: "كان الجميع من علا شأنه أو صغر على السواء يخافون بيبي عزة التي كان على الكل صغارا وكبارا مخاطبتها بالسيدة، ولكن دون أن يحبها أحد. لا زلت أتذكر حتى اليوم كيف كانت تمر أمام الكل بتصلب ونادرا ما تحدثت إلى أحد بلطف. كان أبي السلطان الطيب على العكس منها سواء تعلق الأمر بشخص ذي مكانة رفيعة أو متدنية. لقد عرفت زوجة أبي كيف تتمتع بمكانتها العالية بشكل استثنائي، وما كان أحد يجرؤ الاقتراب منها إن لم تشجعه بنفسها. لم أرها تسير دون حاشية، باستثناء ذهابها مع أبي إلى الحمام الذي كان مخصصا لهما وحدهما. وكان كل من يقابلها في البيت يقف احتراما، كما يقف المجند في مواجهة جنرال. وهكذا كان الجميع يشعرون تماما بالضغط الذي تمارسه من فوق ولكن دون أن تفقد بيت المتوني جاذبيته بالنسبة لسكانه. لقد كانت التقاليد تقضي أن يذهب جميع إخوتي الصغار والكبار على السواء إليها في الصباح ليحيوها".بالرغم من بعض العبارات الحادة التي استخدمتها السيدة سالمة في وصف زوجة أبيها السلطان سعيد، وربما بعضها لا يعدو كونه انطباع شخصي إلا أن ذلك الوصف يقدم بما لا يدع مجالاً للشك عن السلطة والمكانة المهيبة التي تمتعت بها السيدة عزة بنت سيف البوسعيدية كزوجة لأهم وأبرز سلاطين الأسرة البوسعيدية والذي أرسى الكثير من التقاليد كسلطان حاكم وكزعيم للأسرة البوسعيدية.
-
جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار هو مصدر تاريخي مهم يؤرخ لشرق أفريقيا والوجود العُماني فيها، من تأليف المؤرخ العُماني سعيد بن علي بن جمعة المغيري (ت: 1381هـ/ 1962م). ويتضمن مواضيع شتى تتعلق بتاريخ عُمان بشكل عام، والقسم الأكبر منه خصّصه المؤلف للحديث بالتفصيل عن تاريخ زنجبار مبتدئاً بالعصور القديمة، ثم بيان تاريخ زنجبار في العصور الحديثة مُستشهداً بالأرقام والإحصائيات للتدليل على الحقائق التاريخية التي أوردها. وتكمن أهمية هذا الكتاب في أن مؤلفه كان شاهد عيان للكثير من الأحداث التي شهدتها سلطنة زنجبار لا سيما في عهد السلطان خليفة بن حارب البوسعيدي، حيث كان المغيري من المقربين للسلطان؛ وبالتالي بحكم هذه المكانة استطاع أن يجمع الكثير من المعلومات حول تاريخ زنجبار سواء من المعاصرين له أو المصادر الأصلية المكتوبة والكتب المتنوعة العربية والأجنبية.يتضمن الكتاب في طبعته الثانية تصديرا للمحقق محمد علي الصليبي، يظهر من خلاله الأهمية الكبيرة لهذا الكتاب، والفائدة الجلية لمادته، مما جاء فيه: "ولما كان الدور العُماني في القارة الأفريقية وحضارتها يحتاج إلى توضيح وإبراز، فإن كثيرا من الكتب والمؤلفات والتقارير التي دارت حوله لم تعطه حقه الكامل في أفريقيا، فجاء كتاب جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار، لمؤلفه سعيد بن علي المغيري، مصباحا يضيء للباحثين الصفحات الخالدة التي سطرها العُمانيون في القارة الأفريقية. وقد عمد المؤلف إلى اتباع طريقة علمية سليمة في كتابة مؤلفه، ذلك بأن رتب تاريخ أفريقيا ترتيبا زمنيا من القديم إلى الوسيط، إلى الحديث والمعاصر، ورغم ضآلة المادة التاريخية التي دارت حول تاريخ شرق القارة في الأزمنة القديمة إلا أنه جمعها ورتبها ونسقها، ثم استطرد في تناوله تاريخ أفريقية الشرقية في العصور الوسطى، ثم الحديثة، بل أنه أشار إلى ذلك في بداية مؤلفه، وهي الطريقة المتبعة في كتابة التاريخ". ويضيف الصليبي: "وقد اعتمد المؤلف في كتابه جهينة الأخبار على مصادر أصلية تمثلت في مشاهداته وملاحظاته الشخصية، فقد كان مقربا لدى السلطان السيد خليفة بن حارب، كما استمد معلوماته وأخباره من مسؤولي عصره، بالإضافة إلى جمعه للمؤلفات التي كتبت عن شرق القارة سواء المؤلفات الأوروبية أو المؤلفات العربية". ويختم الصليبي تصديره عن كتاب جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار: "ويعتبر كتاب جهينة الأخبار مرجعا مهما لتاريخ العُمانيين في أفريقية، وكذلك مدافعا عن الدور الحضاري لهم في القارة، وقد فصَّل في مسألة الرقيق التي ألصقها بعض الكتاب الأوربيين بالعرب، ودافع عن ذلك بأدلة من الدين الإسلامي والتقاليد العربية، وقارن بين أوضاع الأفارقة في ظل الحكم العُماني، وأوضاعهم بعد ذلك، مبينا الدور الحضاري الذي لعبه العُمانيون في القارة. وهكذا يعتبر كتاب جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار، مصدرا مهما للباحث في تاريخ العلاقات الأفريقية الآسيوية من جهة. والباحث في تاريخ القارة الأفريقية من جهة ثانية".ختاماً يمكن القول بأن كتاب جهينة الأخبار بمثابة المعين الذي لا ينضب والذي ينهل منه الباحث والدارس للتاريخ الحضاري المتواصل ما بين عُمان وإفريقيا الشرقية عبر الحقب التاريخية المختلفة. الجدير بالذكر أن للمؤرخ سعيد بن علي المغيري كتاب آخر بعنوان: "رحلة السلطان خليفة بن حارب إلى أوروبا"، يمكن تصنيفه ككتاب في أدب الرحلات. يوثق الكتاب ثلاث رحلات قام بها السلطان خليفة بن حارب البوسعيدي سلطان زنجبار إلى أوروبا، الأولى سنة 1937م لحضور تتويج الملك جورج السادس ملكاً على بريطانيا، والثانية سنة 1953م لحضور تتويج الملكة إليزابيث الثانية، والثالثة سنة 1960م وكانت رحلة غير رسمية. ويسرد المغيري في كتابه هذا تفاصيل هذه الرحلات والأماكن التي زارها السلطان والمشاهد التي رآها.
-
أزمة الأعلام الفرنسية هي أزمةسياسية حدثت بين بريطانيا وفرنسا؛ بسبب قيام بعض السفن العُمانية برفع العلم الفرنسي في عهد السلطان فيصل بن تركي (1305-1331هـ/ 1888-1913م). ويعود رفع السفن العُمانية للأعلام الفرنسية إلى عام 1261هـ/ 1845م عندما أصدرت السلطات الفرنسية في مدغشقر تصريحاً لإحدى السفن العُمانية برفع العلم الفرنسي. ويعني رفع الأعلام الفرنسية تمتع تلك السفن بالامتيازات نفسها التي يتمتع بها الفرنسيون في عُمان، ومن ضمنها عدم تفتيش السفن من قبل السلطات البريطانية وبالتالي تمارس تجارتها بحرية؛ خاصة ما يتعلق بتجارة الرقيق وتجارة الأسلحة.وصل عدد السفن التي ترفع الأعلام الفرنسية 44 سفينة في عام 1896م، وكان أغلبها مملوكاً لأهالي صور الذين كانت تربطهم علاقات تجارية مباشرة بالسلطات الفرنسية الموجودة على الساحل الإفريقي والجزر التي تحت السيطرة الفرنسية في المحيط الهندي. أزعج انتشار رفع الأعلام الفرنسية السلطات البريطانية؛ إذ حدّ من صلاحياتها في القضاء على تجارة الرقيق ومراقبة تجارة السلاح، وبذلت بريطانيا الجهود الدبلوماسية والعسكرية للقضاء على ظاهرة الأعلام الفرنسية والحد من انتشارها، وذلك بتهديد السلطان فيصل بقطع معونة زنجبار، ومطالبته برفع علم خاص به على جميع السفن التي يملكها رعاياه في الموانئ العُمانية، والقيام بانتزاع الأعلام الفرنسية وتمزيقها وجلد أصحابها.فضّل السلطان فيصل معالجة الموضوع بطريقة دبلوماسية، فأرسل بتاريخ 26 مايو 1897م مذكرة احتجاج إلى الحكومة الفرنسية على توزيعها تصاريح رفع الأعلام الفرنسية على السفن العُمانية؛ إلا أن السلطات الفرنسية لم تهتم بالموضوع، مما دفع بوزارة الخارجية البريطانية إلى إرسال مذكرة إلى وزارة الخارجية الفرنسية أوضحت فيها أن توزيع الأعلام الفرنسية على السفن العُمانية يعتبر خرقاً للإعلان المشترك الصادر عام 1862م بين بريطانيا وفرنسا والمتعلق باحترام استقلال عُمان وحريتها.أُحيلت قضية الأعلام الفرنسية إلى محكمة العدل الدولية للتحكيم وصدر حكم المحكمة في لاهاي بتاريخ 8 أغسطس 1905م وأهم ما تضمنه السماح لأصحاب السفن العُمانية برفع الأعلام الفرنسية؛ إن كانوا حاصلين على تصاريح لذلك قبل تاريخ 2 يناير 1892م. والسبب في اختيار هذا التاريخ هو كونه تاريخ التوقيع على ميثاق بروكسل الخاص بالتفتيش البحري ومنع تجارة الرقيق. ولا يحق للحاصلين على تصاريح بعد هذا التاريخ رفع تلك الأعلام؛ إلا إذا ثبت أنهم كانوا رعايا فرنسيين قبل عام 1862م؛ أي قبل صدور التصريح المشترك بين بريطانيا وفرنسا باحترام استقلال عُمان. كما تضمن الحكم منع التنازل عن هذه التصاريح أو تحويلها إلى مركب آخر بأي طريقة، ومن يفعل ذلك يعرض نفسه إلى المساءلة القانونية. وطبقاً للحكم أيضاً، لا يجوز انتقال التصاريح والأعلام الفرنسية إلى ورثة صاحب المركب الذي لديه تصريح برفع العلم الفرنسي عند وفاته. ويحق لمن لا يرغب في استعمال التصاريح والأعلام الفرنسية إعادتها إلى القنصلية الفرنسية. وأخيراً، يخضع أصحاب السفن الممنوحة التصاريح للسلطات العُمانية.ترتب على تحكيم لاهاي نتائج سياسية واقتصادية، فقد مثَّل انتصاراً للنفوذ البريطاني في المنطقة، مما أدى إلى تخوف القوى الأوروبية الأخرى المتطلعة إلى أن يكون لها نفوذ في المنطقة؛ خاصة ألمانيا وروسيا، كما تمكن السلطان فيصل بن تركي من الإشراف على جميع الموانئ العُمانية خاصة ميناء صور، الذي كانت أغلب سفنه تتمتع بالحماية الفرنسية. وأدى القرار الذي لم يسمح بتوارث التصاريح الفرنسية أو انتقال ملكيتها من سفينة إلى أخرى إلى تناقص السفن الحاصلة على التصاريح الفرنسية لوفاة ربابنتها وتحطم هياكل بعضها، وأدى هذا إلى تقلص السفن العُمانية الرافعة للأعلام الفرنسية تدريجياً.
-
موسوعة عُمان الوثائق السرية هي موسوعة تاريخية وثائقية تقع في 6 مجلدات، أعدها وترجمها محمد بن عبد الله الحارثي. هذه الموسوعة التاريخية الوثائقية تمنح القارئ صورة متكاملة عن تاريخ عُمان الحديث في عهد الدولة البوسعيدية، كما تتضمن خلفيات تاريخية ودينية واجتماعية بما احتوته من كتابات مختارة من بعض المصادر والمراجع في فترات مختلفة.تم تقسيم الموسوعة إلى 6 مجلدات؛ يضم المجلد الأول خلفيات تاريخية ووثائق التآمر البريطاني على الإمبراطورية العُمانية وانحسار دورها في الفترة (1856-1895م). أما المجلد الثاني فيحتوي على وثائق فترة توازن القوى الداخلية خلال الفترة (1901-1945م). والمجلد الثالث يتضمن وثائق فترة تنامي مطامع شركات النفط البريطانية خلال الفترة (1946-1955م). بينما المجلد الرابع يحوي وثائق فترة غزو عُمان واقتلاع جذور الإمامة (1955-1960م). في حين أن المجلد الخامس يضم وثائق فترة تدويل القضية العُمانية في المحافل الدولية (1961-1965م). وأخيراً المجلد السادس المتضمن لوثائق فترة بداية إنتاج النفط وإعادة صياغة النظام السياسي في الفترة (1966-1971م).يوضح المترجم محمد بن عبد الله الحارثي في المقدمة الموجزة والقيمة التي كتبها في افتتاحية هذه الموسوعة الهدف الأساسي من إعداده هذه الموسوعة التاريخية الوثائقية بقوله: "إن المرد الأساس لهذا العمل هو الرغبة في معرفة الحقائق التاريخية التي أصبحت غامضة ويشوبها التشويه، ولا يكاد يُعرف عنها شيء حتى من أكثر الناس اطلاعاً في عُمان، بما في ذلك الذين عاصروا المرحلة السابقة، وإعادة اكتشاف الجذور وتقويم الأداء السياسي لآبائنا والدور النبيل الذي قاموا به لترسيخ الوحدة الوطنية للبلاد، ومحاولة إعادة صياغة الهوية الوطنية والوقائع التاريخية". كما يُبرز الحارثي في مقدمته تلك أسباب ومسوغات مهمة تدفعنا لقراءة وثائق تاريخنا العُماني، منها أن قراءة وثائق تاريخ المنطقة تساعد القارئ على فهم حقيقة واقعنا السياسي الحالي، وما يدور في محيطنا الإسلامي والعربي، كما أن التاريخ يثبت أن قوة الأمم ووحدة أبنائها تنبعان من التسامح والشفافية واحترام الآخرين من دون استغلال أو استعلاء، وإن إقامة مؤسسات المجتمع التي تضمن العدالة الاقتصادية والاجتماعية هي التي تحقق الاستقرار وتكاتف الأيدي وبناء الأوطان.ومن أجل سهولة استيعاب وثائق كل مجلد، قام الحارثي بتلخيص تاريخي مهم وموجز عبارة عن قراءة سريعة لوثائق كل مجلد من المجلدات الستة التي تضمنتها الموسوعة، وننقل ما جاء في وثيقة ضمن قراءة وثائق المجلد الثاني في فترة توازن القوى الداخلية خلال الفترة (1901-1945م)، حيث تقدم هذه الوثيقة توصيف للوضع العام في مسقط بعد وفاة السلطان فيصل بن تركي في 4 أكتوبر 1913م وكان يبلغ من العمر 48 عاماً، ومما جاء في تلك الوثيقة: "... ولا يمكن أن يُعزى تدهور مسقط بصورة كبيرة خلال حكمه إلى أية أعمال أو إهمال من جانب الحاكم، بل يمكن أن تُعزى إلى ظروف خارجية خارجة عن نطاق سيطرته؛ فقد تلاشت معظم تجارة النقل التي كانت مسقط عن طريقها تقوم بتموين الموانئ العربية والفارسية الصغيرة نتيجة للرحلات المباشرة للبواخر من الهند وأوروبا لهذه الموانئ".نختم حديثنا عن موسوعة عُمان الوثائق السرية بكلمات معبرة حملها الإهداء الذي تَصَدَّر الموسوعة: "إلى أرواح رجال عُمان العظام الذين رحلوا إلى رحاب الله وتركوا وراءهم تاريخاً وطنياً ناصع البياض، وإلى جميع أبناء هذه الأمة ليطلعوا على الصفحات المخفية من تاريخهم المجيد لتكون نبراساً لهم".
-
السيد أحمد بن إبراهيم بن قيس بن عزان بن قيس بن أحمد بن سعيد البوسعيدي، ناظر/ وزير الداخلية في عهد السلطان سعيد بن تيمور، وهو يعد واحداً من أبرز الشخصيات العُمانية في القرن العشرين، وأحد أكثر المسؤولين نفوذاً وتأثيراً وثقلاً في عهد السلطان سعيد بن تيمور(1932-1970م)، حيث مكث في منصبه حوالي 38 عاماً.ولد السيد أحمد في ولاية الرستاق في حدود سنة 1895م. والده السيد إبراهيم بن قيس أخ الإمام عزان بن قيس الذي تولى حكم عُمان في الفترة من سنة 1868م وحتى سنة 1871م.وكان والده إبراهيم من الشخصيات السياسية البارزة في النصف الثاني من القرن 19، حيث ورد ذكره في الكثير من الأحداث والوقائع التي حدثت في تلك الحقبة، وخصوصاً أنه كان حاكماً للرستاق، المركز التجاري والإداري المهم للمناطق الشمالية من عُمان، وحينما توفي أخوه الإمام عزان سنة 1871م أراد الناس مبايعته إماماً جديداً لكنه رفض. كما شارك في حروب كثيرة واستطاع أن يخضع صحار وشناص وصحم قبل أن يخرج منها في سنة 1872م في أعقاب صلحه مع السلطان تركي بن سعيد بحسب ما أرخت تلك الأحداث الوثائق التي يمكن الرجوع إليها سواء تلك المنشورة في موسوعة عُمان الوثائق السرية أو الأرصدة الوثائقية الموجودة بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. وفي تاريخ 31 مايو من سنة 1898م توفي السيد إبراهيم فدفن في محلة (بيت القرن) بالرستاق تاركاً خلفه ولديه سعيد بن إبراهيم وأحمد بن إبراهيم الذي كان وقتها يبلغ من العمر ثلاث سنوات تقريباً. وتولى أخوه السيد سعيد بن إبراهيم حكم الرستاق خلفاً لوالده وظل كذلك حتى تاريخ مقتله في مارس من سنة 1912م. أخته السيدة أصيلة بنت إبراهيم البوسعيدية وعرفت بالمراس الشديد والشجاعة والإقدام في الدفاع عن سلطة إخوانها في الرستاق. درس السيد أحمد بن إبراهيم في كتاتيب ولاية الرستاق على يد خيرة علماء ومربي زمنه، ومنهم سيدة شاعرة وناسخة للكتب وصاحبة نشاط سياسي من ولاية بهلا هي عائشة بنت سليمان بن محمد الوائلية التي علمته القرآن الكريم والعلوم الشرعية غير أن مدرسته الحقيقية كانت الحياة والتجارب التي راكمها والأحداث التي عاصرها والتحديات التي واجهها، الأمر الذي أسهم في صقل شخصيته وتوسع مداركه، هكذا يصفه الدكتور محمد العريمي في مقال عميق يليق بمقامه.بعد تولي السلطان سعيد بن تيمور مقاليد الحكم في فبراير من سنة 1932، في أعقاب تنازل والده تيمور بن فيصل بن تركي، إذ وجد فيه السلطان الجديد الخبرة والحنكة ما جعله يعتمد عليه لجهة إدارة الشؤون الداخلية كافة للبلاد تحت تسمية «ناظر الداخلية» أي وزيرها. ومنذ ذلك الوقت وحتى بدايات حكم السلطان قابوس في سنة 1970 شهدت حياته أربعة عقود متواصلة من العمل السياسي الحافل بالأحداث والمتغيرات الداخلية والخارجية. وكانت وزارة الداخلية، إلى جانب وزارة الخارجية أهم جناحين للحكم في عهد السلطان سعيد بن تيمور، وكان من ضمن مهام أحمد بصفته ناظراً للداخلية الإشراف على شؤون الولاة والقضاة والقبائل، علاوة على رفع التقارير إلى السلطان عن أمور الدولة. ولعل أحد الشواهد على ثقة السلطان الكبيرة به تكليف السلطان له بتسيير الأمور كافة في أثناء غيابه عن مسقط ووجوده في ظفار، ما جعله في الواقع الساعد الأيمن للسلطان سعيد بن تيمور. توفي السيد أحمد بن إبراهيم في 26 سبتمبر من سنة 1981م عن عمر تجاوز الخامسة والثمانين. وصفه مفتي عُمان الشيخ أحمد الخليلي بـ: "الداهية العملاق، الذي حلب الدهر أشطره، وامتطى منه صهوتي ذلوله وجموحه".
-
ظل حلم إعادة توحيد الإمبراطورية العُمانية حاضراً في ذهن كل من سلاطين عُمان وسلاطين زنجبار بعد قرار تقسيمها الظالم في أبريل 1861م. حيث كانت محاولة السلطان حمد بن ثويني -خامس سلاطين الأسرة البوسعيدية في سلطنة زنجبار- سنة 1894م وهو بذلك أراد تحقيق رغبة والده السلطان ثويني بإعادة توحيد الإمبراطورية العُمانية بعد تقسيمها، فخطط لتحقيق ذلك بمعاونة وزيره هلال بن عامر الحجري للاستيلاء على مسقط، وإبعاد السلطان فيصل بن تركي عن الحكم؛ غير أن الحملة باءت بالفشل في شعبان 1312هـ (يونيو 1894م) وكان من نتيجة ذلك أن طلب البريطانيون من السلطان حمد بن ثويني إقالة وزيره هلال الحجري فقبض عليه، ونفي إلى عُمان.وبالعودة إلى تفاصيل ذلك يمكن القول بأن عدم استقرار الأوضاع الداخلية في عُمان واستمرار محاولات الشيخ صالح بن علي الحارثي لإعادة الامامة والتخطيط لإسقاط حكم السلطان فيصل بن تركي، حيث أرسل وفدا إلى زنجبار لمقابلة السلطان حمد بن ثويني وكان على رأس ذلك الوفد؛ عبد الله ابن الشيخ صالح ومعه بعض زعماء القبائل منهم: الشيخ محسن بن عامر الحارثي، وهلال بن عامر الحارثي، وحمود بن سعيد الجحافي. وقد تلاقت مصالح السلطان حمد بن ثويني مع مصالح الشيخ صالح بن علي الحارثي في اسقاط حكم السلطان فيصل وتوحيد شطري الإمبراطورية من جديد، فالجدير بالذكر أن السلطان حمد قضى فترة طفولته في عُمان عندما كانت تحت حكم والده السلطان ثويني ثم أخيه سالم فهو يحتفظ بصداقات وعلاقات كثيرة ومهمة في عُمان. وبالرجوع إلى بعض الوثائق التي تؤرخ ذلك الحدث، يشيرتقرير القنصل البريطاني في زنجبار حول العلاقة بين شيوخ الحرث وسلاطين زنجبار مؤرخ في 24 ديسمبر 1894م منشور في موسوعة عُمان الوثائق السرية في مجلدها الأولإلى أن: "أربع من قيادات شيوخ مسقط قد وصلوا إلى زنجبار، وبأن تقريراً قد وصل مفاده بأن هدف زيارتهم هو عرض حكم عُمان على سمو السلطان". وفي وثيقة أخرى مرسلة من كرانكنال القنصل العام في زنجبار إلى وزير الدولة في وزارة الخارجية مؤرخة في 11 مايو 1894م: "... إن عرب مسقط وعُمان غير راضين بالمعاملة التي يتلقونها من السيد فيصل، وبأنهم صمموا على تغيير الحكم، حيث شعروا ولأسباب عديدة إنه الأنسب للاختيار، وإنه في حالة رفضه أو عدم قدرته فإن آمالهم ستتوجه نحو أحد أبناء عزان بن قيس".الجدير بالذكر أيضاً أن السلطان تركي بن سعيد، سبق السلطان حمد بن ثويني في رغبته ومحاولته بإعادة شمل الإمبراطورية العُمانية تحت إدارة واحدة. حيث تزامنت فترة حكم السلطان تركي بن سعيد في عُمان (1871-1888م) مع فترة حكم أخيه السلطان برغش في زنجبار (1870-1888م)، وأرسل السلطان تركي بعد توليه الحكم إلى أخيه برغش يطالبه بدفع معونة زنجبار، غير أن حكومة الهند البريطانية تعهدت بدفعها، مما أدى إلى تحسن العلاقة بين الأخوين، على ضوء ذلك اقترح السلطان تركي في عام 1880م بالتنازل عن حكم عُمان لصالح أخيه برغش، لولا تدخل السلطان البريطانية التي رفضت رفضا قطعيا إعادة الوحدة بين عُمان وزنجبار. كما كانت هنالك محاولة أخرى للسلطان تركي لإعادة الإمبراطورية العُمانية، ففي عام 1888م أثناء زيارة أخيه السلطان برغش لمسقط بهدف العلاج، حاول منعه من العودة إلى زنجبار ليحقق حلمه باستعادة شقي الإمبراطورية العُمانية الآسيوي والأفريقي كما كانت في عهد والدهما السلطان سعيد بن سلطان؛ لكن السيدة موزة بنت حمد البوسعيدية زوجة السلطان برغش أجهضت ذلك المخطط وأمرت قبطان السفينة بالسفر دون علم السلطان تركي، فكانت وفاة السلطان برغش في طريق العودة إلى زنجبار في 27 مارس 1888م، بينما توفي أخيه السلطان تركي في 3 يونيو 1888م.
-
تعرضت عُمان في يونيو من عام 1890م لإعصار قوي حدث من منتصف ليلة 4 يونيو حتى منتصف ليلة 5 يونيو سنة 1890م، امتد أثره المدمر على الساحل من صور إلى السويق، وإلى الداخل حتى وادي سمائل على نحو ما يشير إليه لوريمر في دليل الخليج، تحت عنوان فرعي: "إعصار رهيب يونيو 1890م" بمعلومات مقتضبة جداً.وبالعودة إلى موسوعة عُمان الوثائق السرية في مجلدها الأول نجد تفاصيل أكثر في تقرير الوكيل السياسي البريطاني المرفوع في يوليو 1890م، حيث ذكر فيه: "حدثت هنا زوبعة قوية صاحبها هطول عنيف ومستمر للأمطار وامتدت على طول الساحل من صور إلى السويق وذلك في 4 و5 من الشهر. وقد بدأت أولاً منتصف ليلة 4 من الشهر، إلا أن الرياح اشتدت في صبيحة 5 من الشهر والتي كانت ذات اتجاه شمالي شرقي. وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف حدثت العاصفة والتي استمرت حتى حوالي منتصف الليل. وكانت كمية المطر التي تم تسجيلها في المستشفى المدني منذ بدء العاصفة حتى نهايتها أي حوالي 24 ساعة، قد بلغت 11 إنشاً و24 سنتيمتراً، وقد تأثرت بها منطقة مطرح لأنها مفتوحة من الجهة الشمالية الشرقية حيث جنحت فيها العديد من المراكب". ويضيف الوكيل السياسي في تقريره: "لم تقتصر آثار هذه العاصفة على هاتين المدينتين، وإنما امتدت إلى المناطق الداخلية حيث وصلت وادي سمائل من جانب ووادي بني غافر من جانب آخر".وتم إحصاء عدد الموتى جراء هذا الإعصار حيث بلغوا 727 قتيلاً، وربما يكون العدد أكبر من ذلك لعدم وصول تقارير من مناطق أخرى كثير على نحو ما يشير إليه الوكيل السياسي. أما الخسائر التي وقعت في الأملاك فقد تركزت في أشجار النخيل وكانت الخسائر فادحة حيث اقتلعت آلاف الأشجار من جذورها وحملتها الفيضانات بعيدً، وعمت الفيضانات المناطق الشرقية. كما تم اتخاذ خطوات مباشرة لسحب المياه الراكدة إلى قاع الوادي، إلا أن ظروف مدينة مسقط كانت ما تزال خطرة بسبب المياه التي نفذت إليها هكذا جاء وصف الوكيل السياسي. وفي بيان مؤرخ 21 سبتمبر 1890م، يوضح الوكيل السياسي البريطاني الأضرار التي تم حصرها عن الإعصار، حيث يشير إلى أن عدد أشجار النخيل التي تضررت واقتلعت من جذورها تبلغ 109500 نخلة أي خسارة بمقدار 1525000 دولار.ومن اللافت في هذا التقرير ما أشار إليه الوكيل السياسي بأن نجح من خلال تتبع المخطوطات القديمة للتوصل إلى حدوث عاصفة واحدة مشابهة لهذه حصلت هنا –يعني عُمان- في ليلة الرابع من جمادى الأول عام 251 هجري/ 2 يونيو 862م، حيث دفنت المنطقة بين الغبرة وصحار، وحملت الفيضانات العديد من الناس وأغرقت بلداناً كاملة، وهي المناطق المحيطة بسمائل وبدبد والتي امتدت إلى صحار وذلك بسبب فيضان وادي صلان.وهذا الحدث الذي أشار إليه الوكيل السياسي في تقريره حدث في عهد الإمام الصلت بن مالك الخروصي (237-272هـ/851-886م)، وتحدثت عنه المصادر التاريخية العُمانية، حيث ذكر المؤرخ الشيخ نور الدين السالمي في كتابه تحفة الأعيان: "وفي سنة إحدى وخمسين ومائتين كان بصحار وبعُمان السيل الكثير وانهدم دور كثير ومات فيه ناس كثير وغرق السيل عامة عُمان وبلغ الماء مواضع لم يبلغها قبل ذلك فيما بلغنا"، وقد فصّل السالمي في وصف آثار ذلك الإعصار أو كما تسميه المصادر بالجائحة.
-
صاحبة السمو السيدة أميمة بنت سعيد بن تيمور آل سعيد، الأخت غير الشقيقة للسلطان قابوس طيَّب الله ثراهما. والدتها الشيخة فاطمة بنت علي فنخار المعشنية، وهي الزوجة الأولى للسلطان سعيد بن تيمور. والسيدة أميمة تكبر السلطان قابوس قرابة ستة أعوام، حيث ولدت على الأرجح سنة 1934م.عُرفت السيدة أميمة بقوة شخصيتها وثقافتها الواسعة، وتواضعها الجميل، ومما يذكره الباحث الشيخ محمد التاجر عن السيدة أميمة: "وهي من هواة التصوير الفوتوغرافي، وكانت تجيد فن البرتوكول والمراسم والاستقبال والتعامل مع كبار الشخصيات. تتسم السيدة أميمة بالهيبة والأناقة، وهي تجيد القراءة والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية، ...، وكانت تسافر إلى المملكة المتحدة وبعض دول أوروبا لقضاء الصيف من وقت لآخر مع لفيف من حاشيتها".عُرف عن السيدة أميمة برها بوالدتها الشيخة فاطمة بنت علي فنخار المعشنية فعندما كانت تتواجد في محافظة ظفار كانت تذهب لزيارة والدتها يوميا حيث تعيش والدتها في مزرعة بمنطقة الدهاريز في ولاية صلالة لتعود إلى القصر قبل غروب الشمس. كذلك كانت تربطها علاقة قوية بالسيدة الجليلة ميزون والدة أخيها السلطان قابوس حيث كان لهاتين السيدتين عظيم الأثر في حياة السلطان قابوس، فكان رأيهن يحظى بقدر كبير من اهتمام جلالته لحكمتهن ورجاحة عقلهن. وهو ما وثقه الباحث الشيخ محمد التاجر من لقائه بشخصية مقربة من السيدة الجليلة ميزون في خريف 2004م، قائلاً: "كان لهما الأثر في حياة السلطان قابوس بعد والده السلطان سعيد، كما كان رحمه الله يستمع لهما وكان رأيهما يحظى بقدر كبير لدى شخص جلالته، كما كانتا تتسمان بالحكمة ورجاحة العقل ومعاصرتهما للكثير من الأحداث ودرايتهما بالناس لتقدم سنهما. وقد فقد جلالته شخصيتان عظيمتان لهما مكانة كبيرة في نفسه منذ نعومة أظافره".وليس أبلغ من أهمية وتأثير هاتين السيدتين في حياة السلطان قابوس ما حملته رسالة مُرسلة من السلطان سعيد بن تيمور قبيل وفاته بأقل من شهرين إلى ابنه السلطان قابوس بتاريخ 31 أغسطس 1972م رداً على رسالة مُرسلة من ابنه، مما جاء في رسالته: "وآمل أن تكون والدتك وأختك في صحة وعافية مع سلامي الجزيل لهما". وتوفيت صاحبة السمو السيدة أميمة بعد رحلة علاج في المملكة المتحدة، في 20 رمضان 1423هـ/ 27 نوفمبر 2002م، ودفنت في بريطانيا تحديداً في مقبرة بروكود في لندن بجوار قبر والدها السلطان سعيد بن تيمور المتوفى في رمضان 1392هـ/ 19 أكتوبر 1972م.
-
الصحفي الذي زار عُمان في بداية النهضة المباركة في مارس 1971م هو الصحفي المصري سليم زبال (1925 -2018م) وهو صحفي من جيل الرواد. اختاره الأديب الشاعر الكويتي أحمد السقاف، ليكون أحد كوادر مجلة العربي التي رأت النور بعددها الأول الصادر في ديسمبر 1958م، حيث قامت مجلة العربي الكويتية بدورٍ ثقافيٍ مهمٍ على مدى أكثر من نصف قرن، وذلك من خلال المحتوى الثقافي الرصين الذي قدَّمته للقرَّاء في مختلف الجوانب الثقافية. وكان لزاوية "اعرف وطنك أيها العربي" دور مهم في تعريف القارئ العربي بوطنه من خلال الاستطلاعات التي شملت أغلب أجزاء الوطن العربي، وكان لعُمان نصيبٌ من استطلاعات مجلة العربي، حيث قام الصحفي سليم زبال بعمل استطلاعين تحدثا بشكل مُباشر عن عُمان، الأول بعنوان: "عُمان تتفتح على العالم بعد انغلاق دام 38 عامًا"، صدر في 1 مارس 1971م، في العدد 148، والاستطلاع الثاني بعنوان: "عُمان مرة أخرى"، صدر في 1 يونيو 1971م، في العدد 151، وهناك استطلاع بعنوان: "البريمي"، صدر في 1 فبراير 1962م، في العدد 39 (يعد من الاستطلاعات المهمة التي تُضيء على بعض الحقائق التاريخية، منها: الاسم القديم للبريمي "توام"، وأول مدرسة في البريمي حملت اسم: عُمان الابتدائية، وافتتحت في نوفمبر من عام 1960م). تتجلى الأهمية التاريخية لاستطلاعات سليم زبال لاسيما استطلاعيه: "عُمان تتفتح على العالم بعد انغلاق دام 38 عاماً"، و "عُمان مرة أخرى" من خلال الفترة الزمنية التي صدر فيهما الاستطلاعان، حيث كانت فترة انتقالية بين عهدين، كما تنبع تلك الأهمية من خلال المقابلات الشخصية المهمة التي أجراها سليم زبال مع عدد من المسؤولين في عُمان، ويأتي على رأسهم جلالة السلطان قابوس –طيب الله ثراه-، وصاحب السمو السيد طارق بن تيمور(رئيس الوزراء)، والشيخ سعود بن علي الخليلي (وزير التربية والتعليم)، والأديب عبد الله الطائي (وزير الإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل)، والسيد فيصل بن علي (مدير التعليم بالوكالة)، وإسماعيل خليل الرصاصي (مدير وزارة الداخلية)، والسيد هلال بن حمد السمار البوسعيدي (والي نزوى)، ومالك بن محمد بن حمد العبري (قاضي صحار).لخص الصحفي سليم زبال الأوضاع السياسية الداخلية التي شهدتها عُمان في الفترة التي شملها الاستطلاعان (ديسمبر 1970-1972م). حيث ألقى الضوء على أوضاع عُمان في عهد السلطان سعيد بن تيمور (ت: 1972م). كما رصد زبال التغير السياسي الذي شهدته عُمان بتسلُّم صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في سلطنة عُمان في 23 يوليو من عام 1970م، ومن خلال ذلك التحول رصد زبال صورا حية للفرحة التي عاشها الشعب العُماني بتسلم جلالته مقاليد الحكم من خلال الصور المختلفة التي وثقت فرحة الشعب باحتفالاتهم، ورصد زبال الإجراءات التي قام بها جلالة السلطان قابوس عند تسلمه سدة الحكم في عُمان. فقد شملت تلك الإجراءات تغيير اسم البلاد من سلطنة مسقط وعُمان إلى سلطنة عُمان، وتشكيل حكومة من أبناء الوطن، بتعيين عمَّه السيد طارق بن تيمور رئيساً للوزراء، ودعوة أبناء الوطن للعودة إليه للمساهمة في عملية التغيير وبناء النهضة. كما أوضح زبال الخطط التي ينوي جلالته العمل على تحقيقها على المدى القصير، كتأسيس مجلس للشورى، وتأسيس شركات وطنية لمُختلف القطاعات الاقتصادية والتنموية في البلاد، وتطرق زبال إلى أهم الإصلاحات المزمع تنفيذها في ظفار كمرحلة من مراحل إحلال الأمن والاستقرار فيها، ومنها إقامة مستشفى ومحطة كهرباء وإنشاء ميناء ريسوت.
-
السيد عبد العزيز بن سعيد بن سلطان بن أحمد البوسعيدي، أخو السلطان تركي بن سعيد الذي عينه وصياً على الحكم في عُمان لمدة أربعة شهر خلال الفترة (أغسطس-ديسمبر) 1875م. ولد السيد عبد العزيز في عام 1266هـ/ 1850م، وماتت أمه بعد وفاة والده السلطان سعيد بعدة أيام في أكتوبر 1856م، فتولت رعايته أخته غير الشقيقة السيدة خولة (ت: 1875م)، وهي الأخت الشقيقة للسيد هلال (ت: 1851م) أكبر أبناء السلطان سعيد.ارتبط السيد عبد العزيز بالكثير من الأحداث المهمة سواء في عُمان أو زنجبار، ولنبدأ بزنجبار حيث وُلد ونشأ، حيث تؤرخ المصادر التاريخية مشاركة السيد عبد العزيز مع أخيه السيد برغش في التمرد على أخيهما السلطان ماجد سنة 1859م وكان السيد عبد العزيز الوحيد من الإخوة الذكور الذي ساند السيد برغش، مع أخواته خولة وسالمة ومثلى. وربما كان للسيدة خولة تأثير في ذلك حيث تولت تربيته منذ وفاة والدته؛ لذلك وقف إلى جانبها في معارضة حكم السلطان ماجد. عموماً بعد السيطرة على محاولة التمرد تلك وُضع السيد عبد العزيز في السجن مع أخيه برغش في 14 أكتوبر 1859م وتم نفيهما إلى بومباي في الهند، وعومل الاثنان معاملة كريمة، وطلبا العفو من أخيهما السلطان ماجد فاستجاب لطلبهما وعادا إلى زنجبار في نهاية عام 1861م، وعاش السيد عبد العزيز في ماليندي. لم يُقّدِّر السيد عبد العزيز سياسة العطف والمعاملة الحسنة –على حد وصف الفارسي في كتابه البوسعيديون حكام زنجبار- التي عومل بها فقام بمحاولة أخرى لإثارة المتاعب، لهذا تم إبعاده من زنجبار إلى عُمان في عام 1865م في وقت غير مستقر شهدته عُمان في تلك الفترةيوضح لوريمر بشكل تفصيلي في دليل الخليج في المجلد الثاني دور السيد عبد العزيز على مسرح الأحداث بعد تولي السلطة في عُمان من قبل أخيه السيد تركي في عام 1871م في ضوء انتصاره في المعركة التي جمعته بالإمام عزان بن قيس وتوفي الأخير بسببها، حيث كانت الأوضاع السياسية غير مستقرة، وشهدت محاولات مستمرة لاستعادة نفوذ الامامة بقيادة الشيخ صالح بن علي الحارثي فنجح في الاستيلاء على مطرح في يناير 1873م، ثم بالهجوم على مسقط عام 1874م، واعتزل السلطان تركي عن حكم عُمان بشكل مؤقت في أغسطس-ديسمبر من عام 1875م وعيَّن أخيه عبد العزيز وصياً على الحكم، وهذا مكَّن الشيخ صالح بن علي الحارثي من التفاهم مع السيد عبد العزيز. انتهت هذه الوصاية بعودة السلطان تركي إلى عُمان في ديسمبر من عام 1875م لإحكام السلطة وترتيب الوضع الداخلي المتأزم، حيث نجح في ذلك مع استمرار الهجمات على مسقط سواء من الشيخ صالح بن علي الحارثي الذي شنَّ هجوما على مسقط في عام 1877م. أو أخيه عبد العزيز الذي قام بشن أكثر من هجوم على مسقط. ففي عام 1878م تحرك عبد العزيز بقواته من سمد الشأن إلى مسقط، وفي عام 1882م قاد عبد العزيز هجوم آخر على مسقط من جهة الوادي الكبير. ظل السيد عبد العزيز في عُمان وتحديداً في الرستاق -بحسب ما يذكر لوريمر- حتى نهاية مارس 1890م في عهد السلطان فيصل بن تركي (حكم: 1888-1913م)، وشن أكثر من هجوم على مسقط في عهد السلطان فيصل بن تركي، ثم غادر إلى الهند وظل هناك حتى موته في سنة 1907م. هذه التفاصيل التي يذكرها لوريمر عن السيد عبد العزيز، وما جاء كذلك في موسوعة عُمان الوثائق السرية في مجلدها الأول تعارض بعض ما ذكره الفارسي حيث يقول: "ولم يكن أيضاً مسالماً لأخيه تركي، فقد جمع قوة من العرب، وبعد وقت قصير قاتل بهم ضد أخيه، فهُزم كما هزم من قبل، وعاقبه السيد تركي بإبعاده من عُمان إلى بومباي في عام 1871م، حيث عاش هناك إلى أن مات، وكانت إقامته قد حُددت في بومباي وفي المناطق المجاورة لها".على أية حال عاش السيد عبد العزيز إلى أن مات جميع أولاد السيد سعيد الذكور، وبدأ أحفاده يخلفون في الحكم، ولما مات السلطان علي بن سعيد، سلطان زنجبار (ت: 16 شعبان 1310هـ/ 6 مارس 1893م) سأل حاكم بومباي السيد عبد العزيز عن مقترحاته بشأن الخلافة، فأجابه في حِدَّة، بأنه بسيفه الطويل هو الأحق بالحكم. وقد مات السيد عبد العزيز في بومباي في شهر محرم سنة 1325هـ/ مارس 1907م. وكان آخر الباقين من أولاد السيد سعيد الذكور، بينما السيدة سالمة كانت آخر الباقين من أبناء السلطان سعيد إناثاً وذكوراً، حيث توفيت في عام 1924م.ترك السيد عبد العزيز ابنتين، هما: السيدة مي، والسيدة ثريا التي ولدت وشبت في مسقط، ثم ذهبت بعد ذلك إلى الهند لتعيش مع والدها. وعندما توفي أبوهما رحلتا إلى زنجبار في عهد حكم السلطان علي بن حمود، وقد عاشتا في ماليندي وميزنجاني وكانت كل منهما تعرف باسم السيدة القادمة من بومباي. وقد توفيت السيدة ثريا أولاً ثم ماتت بعدها أختها الكبرى بوقت طويل في أكتوبر 1933م.
-
السيدات اللاتي وردتأسماؤهن في تقرير القنصل البريطاني بمسقط المؤرخ في 6 يوليو 1961م، هُنَّ: السيدة نوار بنت ملك بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان آل سعيد. والسيدة حذام بنت حمد بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان آل سعيد. وهما ابنتا عم السلطان سعيد بن تيمور سلطان عُمان آنذاك. والسيدة بردى بنت فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان آل سعيد، وهي عمة السلطان سعيد بن تيمور. وقد جاء ذكر السيدات الثلاث في وثيقة حملت الرقم 1156 في موسوعة عُمان الوثائق السرية في مجلدها الخامس، تحت عنوان: "مذكرة من القنصل البريطاني في مسقط للبعثة البريطانية في البحرين حول زيارة زوجته لبعض النساء في مسقط ("(FO 371/156821، مؤرخة في 6 يوليو 1961م، والزيارة كانت في مارس 1961م.ويمكن القول بأن هذه الوثيقة بمثابة فيلم وثائقي قصير يختزل صورة من صور الحياة في مسقط في الستينيات من القرن العشرين. تقع الوثيقة في سبع صفحات، الصفحة الأولى ونصف الصفحة الثانية منها عبارة عن تقرير عام عن الزيارة مُرسل من القنصل البريطاني ج. ف. أس. فيلبس (J.F.S.Philips). ومن منتصف الصفحة الثانية وحتى الصفحة السابعة (ص137-143) من الوثيقة عبارة عن تقرير من إنشاء زوجة القنصل البريطاني تحت عنوان فرعي: "زيارة النساء في مسقط"، على شكل فقرات مرقمة من 1 إلى 28. ومضمون الوثيقة ينصب في وصف زيارة قامت بها زوجة القنصل البريطاني لثلاث سيدات من الأسرة الحاكمة برفقة الممرضة جانيت بورسما -الشهيرة لدى العُمانيين بخاتون نعيمة- حيث كانت تعمل كممرضة بمستشفى الإرسالية الأمريكية بمسقط منذ عام 1951م.ونسرد مقتطفات مما جاء في الوثيقة بلسان زوجة القنصل البريطاني، والبداية مع السيدة نوار التي تسكن في منزل والدها السيد ملك، حيث تقول زوجة القنصل البريطاني: "ذهبنا أولاً إلى منزل السيد ملك وهو متزوج من ثلاث أو أربع سيدات ولديه ابنة واحدة هي بيبي نوار، وهو يحبها كثيراً، ولها أولوية على كل زوجاته بما في ذلك أمها". تشير زوجة القنصل في بداية الزيارة: "لا يطلق على أعضاء الأسرة المالكة من النساء لقب سيدة بل يتم استعمال لقب بيبي (وهو مستعمل في زنجبار أيضاً)". تستكمل زوجة القنصل البريطاني وصف زيارتها، فتقول: "ذهبنا بعد ذلك لزيارة بيبي حذام وأبوها هو شقيق السيد ملك وتعيش مع أخيها السيد سلطان وأرامل أبيها وهي أيضاً لها مكانة كبيرة بين كل النساء الموجودات في المنزل وهي في نفس عمر بيبي نوار وغير متزوجة أيضاً". وتصف استقبال السيدة حذام لها: "استقبلتنا بيبي حذام عند المدخل وأخذتنا إلى الطابق الأعلى". وتسطرد زوجة القنصل البريطاني مقارنةً بين السيدة حذام والسيدة نوار: "لم تكن في نفس حيوية وجمال بيبي نوار ولكنها أكثر أرستقراطية منها نوعاً ما". تستكمل زوجة القنصل البريطاني وصف الزيارة بعد مغادرة منزل السيدة حذام، فتقول: "بعد ذلك لبينا الدعوة لزيارة بيبي بردى وهي الأخت الشقيقة -غير المتزوجة- للسيد شهاب والسيد عباس والسيد ملك"، وأشارت زوجة القنصل البريطاني إلى أن السيد ملك هو الشقيق المفضل للسيدة بردى: "وبدا أن السيد ملك هو الشقيق المفضل لها ولكنه يقيم الآن في السيب حيث مزرعته الكبيرة التي يعمل على تطويرها وتركيب مضخة ماء جديدة فيها". ووصفت زوجة القنصل البريطاني السيدة بردى: "... ولها حضور وذكاء ملحوظان وكلامها ممتع إلى حد ما". ختمت زوجة القنصل البريطاني تقرير زيارتها، بقولها: "كنت محظوظة لوجودي مع جانيت في هذه الزيارات فهي على علاقة جيدة مع هؤلاء النسوة وتعرف صديقاتهن أيضاً وفي نفس الوقت لها معرفة واسعة باللغة العربية لذا كانت المؤانسة مفتوحة وممتعة معهن". وهذا الشعور بالحظ والغبطة بهذه الزيارة سطرته زوجة القنصل البريطاني في أول سطر في تقريرها، بقولها: "كنت محظوظة بما فيه الكفاية بأن دعتني الآنسة جانيت بورسما من البعثة الطبية الأمريكية لمرافقتها عدة مرات عندما وجهت لها دعوات شخصية لمقابلة كثير من السيدات في مسقط".انتهى تقرير زيارة زوجة القنصل البريطاني الذي هو أشبه بفيلم قصير يجسد يوميات في العاصمة مسقط في ستينيات القرن العشرين، ويمكن القول بأن بعض الوثائق هي أشبه بلحظة زمنية محنطة يمر من خلالها شريط الحياة، ترى من خلالها حركة الناس ونشاطهم وهمومهم الصغيرة والكبيرة، والكثير من المشاعر والأفكار مما يمكن أن تبعثه في داخلك وثيقة.
-
-
الاجتماع الذي عقد في عام 1792م هو اجتماع بركاء، وضم الاجتماع ثلاثة من أبناء الإمام أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية، هم: الإمام سعيد بن أحمد، والسيد سلطان بن أحمد، والسيد قيس بن أحمد. وبموجب هذا الاجتماع تم الاتفاق على عقد صلح بين الإخوة الثلاثة وتوزيع مناطق النفوذ بينهم، فسيطر السيد سلطان على مسقط، والسيد قيس على صحار، والإمام سعيد على الرستاق. وقد نتج عن هذا الاجتماع بعض الأمور المهمة التي كان لها تأثير على طبيعة الحكم في عُمان وعلى الأحداث اللاحقة، ومن ذلك: التسليم الضمني بسيادة السيد سلطان على مسقط، تمهيداً لمد حكمه على أنحاء البلاد كافة لاحقاً، كما مهد الاتفاق أيضاً لتأسيس نظام سياسي جديد عرف لاحقاً بالسلطنة، وهو نظام مختلف عن نظام الحكم التقليدي الذي عرفته عُمان لمئات السنين وهو الإمامة، وكان هذا هو أهم ما جاء في الاتفاق، وإن لم يكن بطبيعة الحال مقصوداً في حينه.وبالعودة إلى الوراء قليلاً لتوضيح هذا الحدث التاريخي المعروف باجتماع بركاء، والذي عقد بسبب الأحداث المتسارعة التي حدثت عقب وفاة السيد حمد ابن الإمام سعيد في 2 مارس 1792م، وفي حقيقة الأمر فإن جذور هذا الحدث تعود إلى نهاية العام 1783م وهو العام الذي توفي فيه الإمام أحمد بن سعيد وخلفه في الحكم ابنه سعيد حيث فضَّل هذا الأخير حياة العزلة في الرستاق، وتنازل لابنه حمد عن سلطاته الفعلية، واتخذ السيد حمد من مسقط مقرا ومركزا لإدارة شؤون البلاد، وكان ذلك على الأرجح في عام 1789م. كانت لدى السيد حمد رغبة واضحة في تعزيز موقع عُمان على الساحة الإقليمية، وكان مركز الثقل في عُمان يتمثل في الموانئ عامة، وفي مسقط بصفة خاصة آنذاك؛ لذلك بادر السيد حمد إلى تحسين قدرات عُمان العسكرية وسارع لاستعادة السلطة على الساحل الشمالي المطل على الخليج العربي. إضافة إلى أن المجتمع التجاري –صاحب النفوذ في الموانئ- كان يطمح لوجود سلطة سياسية تدرك أهمية الموانئ والتجارة، وهكذا قرر السيد حمد اختيار مسقط مركزا للإدارة ولكن القدر لم يسعفه طويلا، حيث أصيب بمرض الجدري وتوفي في 8 رجب 1206هـ/ 2 مارس 1792م.بعد وفاة السيد حمد عادت رغبة السيد سلطان في تولي السلطة بشكل محكم، لأنه فعلياً كان معارضاً لحكم أخيه الإمام سعيد وحاول التمرد عليه في عام 1784م، ولم يستطع أي من الطرفين تحقيق نصر حاسم على الآخر مما جعله يشعر بخطر البقاء في عُمان فهرب إلى جوادر. عاد السيد سلطان إلى عُمان مرة أخرى عندما سلم الإمام سعيد ابنه السيد حمد السلطة الفعلية واحتفظ هو بلقب الإمامة وبقي في الرستاق وذلك تقريبا في عام 1789م ولم يستطع أيضا تحقيق نصر حاسم، وبعد وفاة السيد حمد أصبحت الفرصة سانحة والظروف مهيأة؛ لذلك دخل في نزاع طويل مع أخويه الإمام سعيد والسيد قيس انتهى بعقد صلح بركاء التاريخي وبموجبه تم توزيع مناطق النفوذ بين الإخوة الثلاثة.استطاع السيد سلطان أن يحقق الكثير من الإنجازات على المستوى الداخلي والخارجي في فترة حكمه القصيرة نسبياً خلال الفترة (1792-1804م)، حيث اتخذ مسقط عاصمة له ووزع مسؤوليات الإدارة فيها. كما وجه اهتمامه للتوسع الخارجي، فأخضع جوادر ومكران وشهبار، وفرض سيطرته على بندر عباس وبعض مناطق الخليج العربي، كل ذلك أدى إلى ازدياد النشاط التجاري والملاحي لمسقط وعُمان عموماً. -
وردة السلطان قابوس هي مبادرة قدمتها جمعية الورود العالمية التي يقع مقرها في هولندا، حيث تم إطلاق اسم السلطان قابوس على هذه الزهرة تكريما وتقديرا عالميا لجهود جلالته ــ طيب الله ثراه ــ في تنمية العلاقات الدولية وتوثيقها واهتمامه بالبيئة. وقام الاتحاد الدولي للزهور بتقديم الزهرة رسمياً إلى السلطان قابوس في احتفالات العيد الوطني العشرين، في نوفمبر 1990م. حيث تعد هذه الوردة خلاصة أبحاث مطولة عمل فيها العلماء لاستخلاص صنف جديد من الورود يتميز بلونه الأحمر القاني، ورائحته الزكية، وساقه الطويل، كما أنه يستطيع الإزهار في الأجواء الحارة والباردة على حد سواء.ظهرت وردة السلطان رسمياً أول مرة في إبريل سنة 1990م في معرض أوساكا للحدائق باليابان، حيث حصلت السلطنة على أهم الجوائز في المعرض، وهي: الميدالية الفضية والبرونزية وجائزة الصداقة الدولية، وقد نالتها تكريماً للمشاركة الفعالة وتقديراً عالمياً لجهودها وحضورها المميز. وقد عُرضت وردة السلطان في معرض تشلسي للزهور بلندن في مايو 1990م لروعة لونها الأحمر القاني ورائحتها الزكية وقابليتها للنمو والتفتح في البساتين العربية والأوروبية على حد سواء. واحتفاءً بالوردة، أُصدرت العديد من الطوابع والبطاقات البريدية التي تحمل صورتها كرسالة محبة من السلطان الراحل إلى العالم، كما احتفلت جامعة طوكيو في حرم كومابا بزراعة ثلاث شتلات لوردة السلطان قابوس بن سعيد، وذلك بمناسبة إنشائه كرسيا دائما في كلية الدراسات العليا للآداب والعلوم بجامعة طوكيو، إضافة إلى جعل الوردة أحد العناصر الرئيسية المكونة لشعار الاحتفال بمرور أربعين عاما على العلاقات الدبلوماسية بين عُمان واليابان في عام 2012م، إلى جانب زرعها في العديد من الحدائق الوطنية الرائدة في اليابان، منها حديقة إيكوتا للورود في محافظة كاناجاوا.وفي مقال للكاتبة فاطمة بنت ناصر تشير إلى أن اهتمام السلطان قابوس –طيب الله ثراه- بالورود والأزهار يعود للصغر، وهذا الأمر تأكد لنا مؤخراً حين كشف المتحف الوطني العُماني عن جزء من مقتنيات السلطان الراحل. وكان أحد تلك المقتنيات هو دفتر مدرسي يحمل سطورا بخط جلالته لمادة تعبيرية موجزة في عدد الكلمات لكنها عميقة في معانيها. فقد كتب جلالته –طيب الله ثراه-: "فالعادة نجد أن المرأة والطفل هما أكثر من يحب الأزهار، أما الرجال فبعد قضائهم ليوم شاق طويل في العمل، يبتهجون لرؤية بهائها في حديقة المنزل وهم يأخذون قسطا من الراحة، لهذا فحديقة الأزهار في المنزل تضيف السعادة إليه، وما هو أكثر أهمية من السعادة يا ترى؟!".ونختم بعبارة الصحفية مدرين المكتومية، حيث قالت في مقال لها: "وردة كهذه لن تكون فقط للزينة والتعطر، إنما هي وردة للتاريخ، الذي سيظل يذكر مناقب السلطان الراحل في كل زمان ومكان".
-
المقاطعة الهندية التي تمتعت بعلاقة صداقة وتعاون وثيقة مع الإمام أحمد بن سعيد هي مقاطعة ميسور. وقد أرسل الإمام أحمد بن سعيد، للتعبير عن خصوصية الصداقة العُمانية-الهندية، سفينة الرحماني التي كانت قد خاضت معركة شط العرب ضد الفرس (1775-1776م)، هدية للسلطان تيبو زعيم مقاطعة ميسور الهندية، حيث اعتلى تيبو سلطان أو سلطان علي خان عرش مقاطعة ميسور في ديسمبر 1782م بعد وفاة أبيه حيدر علي؛ فورث دولة تشكلت منذ عام 1760م من تحالف بين القوة العسكرية لحيدر علي التي باتت أقوى جيش غير أوروبي في الهند آنذاك، والنظام السياسي المغولي، ومملكة راجا الهندوسية الوراثية المحلية.وعموماً، توطدت علاقة الإمام أحمد بن سعيد مع المقاطعات الهندية، حيث قام الإمام أحمد بن سعيد بمساعدة شاه علم إمبراطور المغول في الهند (حكم: 1759-1788م) على حربه القراصنة الذين كانوا يعوقون تجارة الأرز بين مانجلور -جنوب غرب الهند- ومسقط، وأرسل حاكم مانجلور مبعوثاً يُدعى طيبو صاحب إلى الإمام أحمد عام 1190هـ/ 1776م، فعقدت بينهما معاهدة تقضي باستمرار علاقة الصداقة بين البلدين، وإنشاء دار في مسقط لمبعوث الحاكم المغولي سميت ببيت النواب، وتعهد حاكم مانجلور بالوقوف إلى جانب الإمام في حالة تعرض عُمان إلى الغزو الخارجي. كما وصل إلى عُمان مبعوث حاكم مقاطعة ميسور واستقبله الإمام مما أدى إلى توثق العلاقات التجارية مع ميسور، وعين حاكم ميسور ممثلا تجاريا لمقاطعته بمسقط، وكانت سفن المقاطعة ترتاد عُمان بما يقارب خمس سفن سنوياً. وكانت السفن العُمانية تتردد على الموانئ الهندية لتستورد البضائع المتنوعة مثل: الأرز والتوابل والأخشاب، كما تزايد أعداد الهنود في مسقط خلال فترة حكم الإمام أحمد بن سعيد.الجدير بالذكر أن عُمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد لم تعقد علاقات رسمية أو خاصة مع بريطانيا، بل إن الإمام رفض طلب شركة الهند الشرقية إقامة مركز لها في مسقط في حين سمح لشاه علم إمبراطور المغول بإنشاء مركز عُرف (بيت النواب) في ضوء الاتفاقية التجارية التي عقدت بين الطرفين في عام 1190هـ/ 1776م مع شاه علم إمبراطور المغول في الهند والتي نصت على إنشاء دار في مسقط لمبعوث الحاكم المغولي أصبحت تعرف ببيت النواب.يمكن القول بأن عام 1792م يعد عاماً محورياً في تاريخ كل من مسقط وميسور، حيث كان السيد سلطان بن أحمد على رأس السلطة السياسية في عُمان، وتيبو سلطان أو سلطان علي خان على عرش مقاطعة ميسور. استدعت الظروف أن تعمل هاتان الدولتان في عام 1792م على إبرام صلح مع القوى الفرنسية والبريطانية التي احتدم التنافس بينها في الهند فضلاً عن المحيط الذي بات مسرحاً لتنافس القوى الأوروبية التي سعت إلى فرض هيمنتها في الهند. فبعد تولي السيد سلطان بن أحمد السلطة في مسقط تعززت روابط تجارية متينة بين مسقط وميسور من خلال تأسيس علاقات تجارية قائمة على مبدأ إعادة التصدير، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن سيتون المقيم السياسي البريطاني في مسقط؛ إذ وصلت البضائع إلى مسقط من "سواحل سورات، وبهافناغار، وبومباي، ومالابار، وكورومانديل، ومكران، والسند، والبنجاب، وكوتش، والبنغال، وباتافيا، وجزر الملايو، وشرق أفريقيا، وجزر ماسكارين، وبالطبع من البلدان المطلة على الخليج العربي"، بحسب ما جاء في تقرير ستون. أدى هذا التوسع التجاري إلى توقيع معاهدة بين مسقط والبريطانيين عام 1798م وذلك لتأمين المزيد من الإنجازات التجارية في الهند، لاسيما في سياق بسط السيطرة البريطانية على التجارة في المناطق التي يرغب السيد سلطان بن أحمد في توسيع أعماله فيها، وكان البريطانيون أيضاً مدفوعين في الوقت نفسه باعتبارات مماثلة في سياق المنافسة التجارية، والمخاوف البريطانية من المنافسة الفرنسية.وفي إطار التنافس البريطاني الفرنسي في المحيط الهندي، تلقى كل من السيد سلطان بن أحمد وتيبو سلطان رسائل في عام 1799م من الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت يتعهد بتقديم الدعم لكليهما في حالة الوقوف في وجه البريطانيين، وبمجرد انحسار قوة بونابرت في مصر قبل نهاية عام 1799م تحرك البريطانيون ضد تيبو سلطان حاكم ميسور متسللين إلى حصنه في سيرينغاباتام ودارت معركة بين الطرفين استشهد فيها تيبو سلطان في الرابع من مايو 1799م بعد رفضه الاستسلام واختيار المقاومة حتى آخر رمق، وبات يُعرف بأنه "المحارب الأول للحرية في تاريخ الهند".
- Vis mere