Episoder
-
استكمالًا لما درسناه في الحلقات السابقة، نكمل الحديث حول علاقة أهل الكتاب بالإسلام وعلاقة التوراة بالقرآن الكريم، في هذه الحلقة نتحدث عن العبارة القرآنية الكريمة " مصدقًا لما بين يديه " حيث نضع دلالة هذه العبارة في سياق كون أن العقيدة والشرع واحد لا يتغير بين الكتب السماوية. والعبارة القرآنية تتحدث عن نفسها، فهي تتحدث عن التصديق، وهذه العبارة تصف القرآن بأنه مصدق لما بين يديه وما بين يديه هو التوراة والإنجيل، وتصديقه شامل لا جزئي، فإن صدق في جانب ولم يصدق في جانب آخر كان ذلك إخلال في التصديق ونقص فيه، ولا يمكن نتيجة لذلك أن نسميه مصدقًا، نستعرض بعض الآيات التي أوردت هذه العبارة الكريمة والتي نفهم من خلالها شمول التصديق في العقائد والأحكام، نبدأ في آخر آية سورة يوسف (ع) والتي تبين أن قصة يوسف هي أحد دلائل التصديق، ثم ننتقل إلى آيات التحكيم في سورة المائدة والتي تبين أن التصديق يشمل الأحكام كذلك. ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ يوسف [111]﴿ وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ المائدة [46] ﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾ المائدة (47) ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ المائدة (48) ﴿ وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ المائدة [49]-[50]
-
إن إيمان طائفة من أهل الكتاب بالقرآن الكريم وانسجامهم معه دليل آخر على أن ماجاء في القرآن من أحكام وشرائع وعقائد لا تختلف عما جاءت في التوراة، ولقد سجل لنا القرآن الكريم مواقف لفرق منهم آمنت بالرسالة، وتنوع ذلك الإيمان بين الإيمان الاعتيادي الذي يحتاج إلى تفكير وتأمل إلى الإيمان المباشر واللحظي الذي يسبق كل تفكير وتأمل لما وجد في القرآن من حقيقة لايمكن دحضها أو إنكارها.
﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ آل عمران [199]﴿ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاء مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ ﴾ العنكبوت [46]-[47]﴿ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمْ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ القصص [51]-[54]﴿ وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ﴾ الإسراء [106]-[109]
-
Manglende episoder?
-
تحدثنا في الحلقة السابقة وتحت عنوان "أحكام مشتركة" عن حكمين وجدنا أن التوراة تتوافق فيهما مع القرآن الكريم، وهما حكم اتجاه القبلة، وأحكام النكاح، ثم بعد أن تحققنا من هذا التوافق، تساءلنا في خاتمة الحلقة: هل يمكن أن يكون هذا التوافق جزئي، بمعنى أن القرآن الكريم تطابق مع الكتب السماوية في بعض الأحكام، لكنه ألغى وبدل البعض الآخر؟! قبل أن نصل لإجابة محكمة على هذا السؤال الهام، نريد أن نؤكد على أهمية حكم اتجاه القبلة في الدين والذي يعني وجود نصوص مشتركة وواحدة فقط، والذي يصب في اتجاه أنه لا تبديل لأحكام الله فيها عبر الأزمان، فاتجاه القبلة يعطي دلالة في الشكل والمضمون لكون أن الدين واحد في كل تفاصيله، وهذا في حد ذاته إجابة على نفس السؤال، لكننا لن نكتفي بهذه الإجابة، وسنضيف أدلة قرآنية أخرى أكثر بيانًا. لإحكام الإجابة عن هذا السؤال نتحدث في هذه الحلقة - إن شاء الله - عن الأمر الرباني إلى أهل الكتاب بإقامة التوراة والإنجيل، نثبته من عدة آيات في سورة المائدة والجن وآل عمران، ثم نتساءل عن دلالات هذا الأمر في سياق ما نتحدث عنه.﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ﴾ المائدة [44]﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ﴾ المائدة [47]﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ المائدة [68]﴿ وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾ الجن [16]–[17] ﴿ لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾ آل عمران [113]-[115]﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ المائدة [15]
-
فهمنا من خلال الجدال الدائر بين الرسالتين وجود مقياس واحد يتم الرجوع له والاحتكام إليه، وقد فهمنا من خلال ذلك الجدال بعض الأحكام المتطابقة، في هذه الحلقة نكمل المسير ونشير إلى حكمين من الأحكام التي أكد القرآن أنها موجودة أصلًا لدى أهل الكتاب وأنهم يعرفونها حق المعرفة، الأول هو حكم أساسي في الملة وهو اتجاه القبلة المتمثل في المسجد الحرام الذي تم التطرق له في الحلقة السابقة بصورة مقتضبة حين استعرضنا آيات من سورة آل عمران، والثاني في أحكام النكاح.
﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنْ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ البقرة [145]-[146]
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ البقرة [146]
﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ النساء [25]-[26]
-
تحدثنا في الحلقة السابقة عن التحكيم الذي كان يمارسه بعض من أهل الكتاب مع النبي، وتبين لنا من خلال الآيات أنه لايمكن أن يكون هذا التحكيم لولا أن الحكم والشرع واحد لدى أهل الكتاب ورسالة النبي محمد، وهذا ما يؤكد أن القرآن الكريم لم يأت بأحكامٍ مختلفة عما سبقه من الكتب.
في هذه الحلقة نؤكد على هذا المعنى من خلال عنوان آخر لا يقل أهمية عن سابقه وهو ( الجدال )، ونقصد بهذا العنوان الجدالات التي كانت تحدث في زمن الرسالة بين النبي محمد (ص) و أهل الكتاب في الأحكام والعقائد والتي كانت مبنية على أساس الكتاب السماوي وإحضاره أو إحضار الذين يشهدون به.
نأخذ لذلك مثالًا من سورة آل عمران نستعرض من خلاله جدال حدث بين الرسول (ص) وبين أهل الكتاب الذين حرموا في الطعام ما لم ينزل الله به سلطانا، فكانت المحاججة من قبل النبي بإحضار التوراة، ندرس هذه الحادثة ثم نضع دلائلها في سياق ما نتحدث به عن علاقة أهل الكتاب بالقرآن، وبالتحديد عن علاقتهم بأحكامه الشرعية.
يقول الله عز وجل:
﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ آل عمران [93]-[99]
-
درسنا في الحلقة السابقة البشارة التي وردت في التوراة والإنجيل ومن قبلها دعوة نبي الله إبراهيم، وعلاقة ذلك برسالة القرآن، فإذا كان بنو إسرائيل مُبَشرين بالنبي محمد في التوراة والإنجيل، ويعلمون أن نبي الله إبراهيم قد دعا بإرسال رسول في هذه البقعة الطاهرة، على أنهم هم أبناء نبي الله إبراهيم (ع) والذين ساروا على نهجه فهذا يعني أن رسالة النبي محمد هي رسالتهم التي يجب أن يؤمنوا بها وأن يصدقوها وينصروها.
وقد ختمنا الحديث في الحلقة السابقة بسؤال الانطباق بين القرآن والتوراة، وكان سؤالنا ماهو مدى انطباق هذين الكتابين؟ في العقائد والأحكام؟ إجابة على هذا السؤال واستكمالًا لهذا الموضوع نتحدث في هذه الحلقة عن عنوان لا يقل أهمية ويعتبر دليلًا على أن رسالة جميع الرسل هي رسالة الإسلام، في هذه الحلقة ندرس موضوع (التحكيم) الذي ذكر في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وسيتبين لنا من خلال هذا التحكيم أن الأحكام والعقائد الواردة في التوراة والإنجيل هي ذاتها التي نزلت على نبي الله محمد (ص) في القرآن الكريم، مما يعني أن الانطباق تام وليس جزئي.
نقصد بالتحكيم هو طلب الحكم الديني والشرعي من النبي محمد من قبل أهل الكتاب، فقد كانت فرق منهم تتوجه له (ص) لطلب العلم في بعض الأحكام ، نطرح التساؤل: لماذا كانت تلك الطوائف تفعل ذلك؟ وما دلالة هذا الفعل، وكيف نفهم إجابة السؤال المطروح في هذه الحلقة في ضوء ما نفهمه من ذلك، لفهم هذا الموضوع ندرس في هذه الحلقة الآيات من سورة المائدة من آية (41) وحتى الآية (45).
﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ المائدة [41]
﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ المائدة [42]
﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ المائدة [43]
﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِي وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ﴾ المائدة [44]
﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ﴾ المائدة [45]
-
لا زلنا في معرض الإجابة على نفس السؤال: وهو لماذا يخصص الله عز وجل خطابه لبني إسرائيل في بداية سورة البقرة ويأمرهم بالإيمان بالقرآن الكريم؟ نستكمل الإجابة على هذا السؤال في هذه الحلقة ، ونستعرض حقيقة قرآنية أخرى وهي البشارة، ونقصد بها البشارة ببعثة النبي محمد (ص) في الكتب السماوية السابقة، ثم نضع التساؤلات حول دلالة تلك البشارة؟ لِمَ يتم التبشير بها ؟ ولم تستحوذ هذه الرسالة على كل ذلك الاهتمام؟
نستعرض البشارة النبوية في ثلاث آيات من القرآن الكريم، الأول في آية (9) من سورة الصف، والثانية في سورة الأعراف الآية (157)، والثالثة في سورة البقرة من الآية (127) إلى الآية (129) ، ثم بعد ذلك الاستعراض نصل إلى نتيجة لفهم الترابط بين حلقة اليوم والحلقة السابقة.
﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾ الصف (6)
﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾ الأعراف [157]
﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ البقرة [127]-[129]
-
في بداية رحلتنا لفهم تلك العلاقة نتساءل عن علاقة بني إسرائيل برسالة القرآن الكريم! وعن علاقته بالتوراة! ونطرح السؤال : لم يوجه القرآن الكريم ومن بداية سورة البقرة خطابه المباشر لبني إسرائيل؟
للإجابة على هذا السؤال ندرس في هذه الحلقة آيتي (40) – (41) من سورة البقرة للتعرف على جانب من تلك العلاقة.
يقول الله عز وجل :
﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ البقرة [40]-[41]
-
هناك سؤال مهم يؤسس لفهم أعمق للقرآن الكريم هو : هل لأهل الكتاب الذين سبقوا رسالة النبي محمد (ص) علاقة بالقرآن الكريم؟وهذا السؤال لا يثير فضولنا إليه الواقع الحالي المستقل عن القرآن الكريم ، بل هو سؤال يستحثك القرآن نفسه أن تسأله، ويستحثك لأن تبحث عن إجابة له لكثرة الآيات التي تتعرض لأهل الكتاب وتداخلهم مع الرسالة في جوانب عدة. وهذا السؤال يقود إلى أسئلة أخرى يمكنها أن تفتح آفاق كثيرة لفهم هذه العلاقة من جذورها.
الإجابة على هذا السؤال هي نعم، هناك علاقة وطيدة بين أهل الكتاب وبين القرآن الكريم، وكثيرة هي الأدلة والشواهد على ذلك، وهذه الدروس تدور حول ذكر الإثباتات القرآنية على ذلك، ولكيتبين دلالة هذا الارتباط من خلال (9) محاور وتحت عنوان واحد( القرآن وأهل الكتاب). ومن شأن هذه الإجابة أن تفتح لنا الفهم الأعمق والأدق لسياق آيات القرآن الكريم، لذا تعتبر هذه الدراسة تأسيسة لمفاهيم متقدمة.
-
تأملات في سورة لقمان في الآيات من آية 6 إلى 8 ومن آية 15 إلى 14
﴿ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ﴾ لقمان [6]-[8]
﴿ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُفِي عَامَيْنِ أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ لقمان [13]-[15]
-
تحدثنا في الحلقة السابقة عن التسبيح بالحمد وقلنا أنه تسبيح بواسطة الحمد، فعندما نقول الحمد لله فإننا نسبح الله، وعندما نثني عليه فإننا نسبحه كذلك، يقول الله عز وجل :
﴿ وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنْ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ﴾ الإسراء (111)
في هذه الحلقة لنا وقفة مع التسبيح باسم الله العظيم، وكما فهمنا من أمر التسبيح بالحمد، فإن الحمد لله باللفظ أو المعنى تعني التسبيح، فكذلك يكون مع التسبيح باسم الله العظيم، فإننا نسبح الله بذكر اسمه العظيم، فنقول: سبحان ربي العظيم. أمر القرآن الكريم بتسبيح الله باسمه العظيم في ثلاث مواضع، آياتان منهما في سورة الواقعة وآية أخرى في سورة الحاقة، نقف أمام مقاطع هذه الآيات لنفهم سياقها ثم نضع بعد ذلك أمر التسبيح باسم الله العظيم ضمن ذلك السياق، لنفهم المراد من ذلك الأمر بصورة أوضح، وذلك بفهم معاني العظمة التي ذكرت كأمثلة والتي سبقت ذلك الأمر.
-
تعلمنا من الحلقة السابقة أن للتسبيح أثر كبير في حياة المؤمن فهو مسار يتحرك فيه من القلق إلى الطمأنينة، ويبعث إيمانه من الضعف إلى القوة، ويدفع صلته بالله من البعد إلى الاقتراب، وقد تأكد لنا أن التسبيح هو أن لا نرى غير الله فاعلًا ولا مؤثرا في هذه الحياة، بعد نفي كل أحاسيس القوة عن النفس وعن غيرها في أن يكون لها التأثير. ولقد وجدنا سابقا أن هناك تسبيح بالمعنى يسبق لفظة التسبيح نفسها، واليوم نتحدث عن تسبيح الله بالحمد، الذي أمر الله به في أكثر من موضع في القرآن، وقد مر بنا آية (سبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس) فما هو التسبيح بالحمد؟.
-
كنا قد تحدثنا في الحلقة السابقة عن معاني التسبيح، وأنه يمكننا أن نسبح الله باللفظ بعد أن يمتلئ بالمعنى، وقد تعلمنا أيضًا أن هناك عبارات تمجد الله وتسبحه دون أن تذكر لفظة التسبيح، ووجدنا أن مواقف التسبيح تعددت، فمنها ماهو استغفاري الاستداركي، ومنها ماهو تسبيح دائم لا ينفك عنه المؤمن ويتعايش معه ولا يخرج عنه، ومنه ما يمكن أن نسميه بالتسبيح الاستباقي الذي يقف كوقاية للإنسان من الغفلة والنسيان.
في هذه الحلقة نتطرق لدور التسبيح في الشفاء من هموم النفس وأمراض القلب، للمؤمن وللكافر الجاحد، لقد امتلأ القرآن الكريم بأصناف التسبيح لتذكير المؤمن والكافر على حد سواء بقدر الإنسان وقدر الله عز وجل، فنجاح هذه المعادلة لها تأثير كبير في نفس المؤمن أو المبتعد عن دائرة الإيمان في فهم لغة القرآن والمسار الذي يتحدث فيه.
-
لفظة التسبيح التي نتلفظ بها تبقى جوفاء مالم تمتلئ بالمعنى، ونبدأ في هذه الحلقة بتطبيق فهمنا للتسبيح العملي في الآيات التي تمت دراستها في الحلقة السابقة لنعلم ما يجب على المؤمن في كل حالة من تلك الحالات كي يعود للتسبيح الحقيقي، ويمكننا أن نعد تلك الأمثلة نماذج للتسبيح الاستدراكي والذي يقع في موقع الاستغفار، وهو الذي يقع بعد الغفلة أو النسيان فيستدرك فيه المؤمن بالتسبيح، وننتقل بعد ذلك لإدراج مثالين هما بمثابة التسبيح الدائم أو التسبيح الوقائي الإستباقي والذي يعبر عن وعي المؤمن الدائم بقدره وقدر الله عز وجل دون الوقوع في الخطأ. ﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ يونس (68)﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ البقرة (31)-(32)﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ أَنْ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ القلم (18)-(29)﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ المائدة (116) -(118)﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ المائدة (117) - (118)﴿ وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ﴾ الزخرف (12)-(14) #الصلاة
-
ندخل بهذه الحلقة في فصل جديد من فصول هذا البحث وهو الفصل المتعلق بالتسبيح، نريد أن نفهم معنى التسبيح ونفهم كذلك علاقته مع بعض حركات الصلاة، ونريد أن ندخل إلى معنى التسبيح من خلال الآيات الكريمة، ونتساءل كيف استخدم القرآن الكريم هذه الكلمة؟ ولأن موضوع التسبيح هو موضوع واسع وكبير، ويشغل حيزًا كبيرًا في القرآن الكريم، نأخذه على مراحل ونتوغل فيه برفق، ونبدأ في حلقة اليوم بالتعرف على التسبيح من زواية ما ينقض التسبيح. ﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ #يونس (68)﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ #البقرة (31)-(32)﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ فَتَنَادَوا مُصْبِحِينَ أَنْ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَارِمِينَ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ #القلم (18)-(29)
-
معاني الصلاة في القرآن - 12 - رحلة البحث عن الإله - 4 - دوام التسبيح | حلمي العلقهذه الحلقة تختم موضوع البحث عن الإله بتبيين أن التسبيح دائم لتربط المواضيع السابقة كلها بالصلاة الدائمة التي لا تنقطع، الحديث في الآيات التالية ﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ ﴾ الأنبياء (19)-(20)#الأنبياء ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنْ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ﴾ #فصلت (37)-(38).﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ #طه (130)﴿وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ #غافر (60)﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً﴾ #النساء (103)﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ #الشرح (8) -(9)
-
ندرس في هذه الحلقة ومن خلال 4 آيات كريمة معنى دوام الاتصال الذي يجب أن يكون عليه المؤمن، وذلك من خلال دراسة آيتين تتحدثان عن حالة الانسان حين يمسه الضر، وكيف يتصل بالله في تلك الحالة، فيلجأ له لجوء العابد المخلص، إلا أنه ما يلبث أن يعود إلى حاله الذي كان عليه حين تزول حالة الخطر، ويمكن أن نسمي تلك الحالات وضع المسرفين. ثم نستعرض آية تصف حال المؤمنين في جميع حالاتهم بدوام الاتصال بالله عز وجل ويمكن أن نسميها حالة الذاكرين، أما الآية الأخيرة فتعطي مقارنة واضحة بين الفريقين، الأول هو الداعي إلى الله في حالة الضر فقط، والثاني هو المتصل بالله على الدوام.
أولًا: حالات المسرفينيقول الله عز وجل : ﴿وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً ﴾ الإسراء (67)#﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ يونس (12)# ثانيًا : حالات الذاكرين ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ آل_عمران (190) - (191)#﴿ وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾ الزمر (9)-(8)#
-
يقول الله عز وجل:
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّيأَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَمَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنْ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُرَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاًقَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّيلأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةًقَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّيبَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِيفَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ﴾
الأنعام ( 74) - (79)
لقد عبرت لنا قصة إبراهيم أنالمحتاج لذلك التواصل هو الإنسان نفسه، وهذا مايبيّن حاجته للصلاة، وهذا ما تؤكدهآيات كثيرة حين تشير إلى أن المصائب التي تمر بالإنسان تجعله يلجأ إلى الله، ولكنسرعان ما يبتعد حين يشعر بالأمان المادي الظاهر، والآيات تنتقد ذلك اللجوء المؤقتوتقول كان من المفترض أن يكون حاله في الرخاء نفس حاله في الشدة، لأنه المحتاجلذلك وليس الإله، فالصلاة هي حاجة حقيقية لدى الإنسان الذي استشعر حقيقة نفسه.
-
سياحة إيمانية مع نبي الله إبراهيم في رحلته الإيمانية في البحث عن الإله في الآيات الكريمة من آية (74) إلى آية (79) والوقوف عند قوله تعالى ( لا أحب الآفلين )
-
الزواج هو رباط بين الذكر والأنثى هو نقطة انطلاق حضارة القيم والمبادئ والأخلاق ودعوة الإخلاص لله عز وجل، حضارة يمكن أن تتأسس عليها حضارة الفكر والآلة والتقدم بشتى صوره وأشكاله، وبدونها لا يمكن أن نعيش تلك الحضارة إلا بصورة زائفة خالية من المعنى، وجوهر تأسيس حضارة الإنسان يكمن في أن يعرف كلا من الذكر والأنثى موقعه ومكمن القوة فيه.
- Vis mere