Folgen
-
حسب الغرب والذي تمثله هنا أفريل هاينز، مديرة المخابرات الوطنية الأميركية، هناك ثلاثة سيناريوهات للحرب في أوكرانيا حسب ما نقلت نيويورك تايمز. يشير السيناريو الأول إلى نجاح الجيش الروسي في السيطرة على أوكرانيا. فالتقدم الروسي المستمر في شرق أوكرانيا من شأنه أن يكسر إرادة الأوكرانيين للقتال. أما السيناريو الثاني، وهو الأكثر ترجيحاً، هو هيمنة روسيا على شرق أوكرانيا، خصوصاً منطقة دونباس. إلا أن هذا السيناريو يستبعد أن تنجح روسيا في الذهاب أبعد من ذلك بكثير، مل يؤدي إلى صراع طاحن بين البلدين. وفي السيناريو الثالث، ستوقف أوكرانيا تقدم روسيا في الشرق، وتنجح أيضاً في شنّ هجمات مضادة. ويراهن هذا السيناريو على قدرات القوات الأوكرانية، خصوصاً أنها استعادت بعض الأراضي جنوبي البلاد. ويتوقع بعض الخبراء العسكريين هجوماً أوسع قريباً. لكن هل يمكن لأوكرانيا أن تخالف كل التوقعات وتحقق شيئاً أقرب إلى النصر؟ هل تستطيع أوكرانيا إجبار القوات الروسية على الانسحاب إلى المواقع التي كانت تنتشر فيها قبل الغزو؟ ماذا لو فاجأ الرئيس بوتين العالم بوقف لإطلاق النار من طرف واحد؟ أو ماذا لو خلصت كل من أوكرانيا وروسيا إلى أنهما لا تستطيعان تحقيق المزيد من الناحية العسكرية ودخلا في محادثات من أجل الوصول إلى تسوية سياسية؟ يؤكد المسؤولون الغربيون أن روسيا على الرغم من النكسات المبكرة التي منيت بها، لا تزال تخطط للاستيلاء على العاصمة كييف وفرض سطوتها على الكثير من أراضي أوكرانيا. وقد ينقسم الشعب الأوكراني إلى معسكرين، واحد يرغب في استمرار القتال والآخر يبحث عن مخرج للتوصل إلى السلام. قد تبلغ بعض الدول الغربية مرحلة الشعور بالتعب من دعم أوكرانيا. لكن بالمقابل إذا شعرت أن روسيا في طريقها لتحقيق الانتصار فقد يرغب بعضها في التصعيد العسكري ضد روسيا. وفي يونيو نقلت واشنطن بوست عن أحد الدبلوماسيين الغربيين قوله إن على الغرب إجراء تجربة نووية في المحيط الهادئ تحذيرا لروسيا. كل ذلك يجعلنا نتساءل :هل إن مستقبل هذه الحرب لم يكتب بعد؟
-
عندما أعلن فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا، كانت الحرب بعيدة عن الأراضي الروسية. في غضون أيام قليلة، عاد الصراع إلى الوطن – ليس بصواريخ السفن وقذائف الهاون، ولكن في شكل وابل واسع غير مسبوق وغير متوقع من العقوبات الاقتصادية من قبل الحكومات والشركات الغربية. ماكدونالدز، التي كان افتتاحها في روسيا عام 1990 ظاهرة ثقافية، وسيلة راحة حديثة متألقة في بلد يغلب عليه الركود بخيارات محدودة، انسحبت تماماً من روسيا رداً على غزوها لأوكرانيا. كما حظرت 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا الرحلات الجوية من وإلى روسيا. كانت العاصمة الإستونية، تالين، وجهة عطلة نهاية أسبوع طويلة مدتها 90 دقيقة بالطائرة من موسكو، واستغرقت فجأة 12 ساعة على الأقل للوصول إلى طريق عبر اسطنبول.حتى السفر غير المباشر عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد تقلص بالنسبة للروس. حظرت روسيا "فيسبوك" و"إنستغرام "، وأغلقت الوصول إلى مواقع وسائل الإعلام الأجنبية. وشملت تلك العقوبات المفروضة على روسيا مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والأدب والفن والرياضة والإعلام والتبادل الأكاديمي، حيث توقفت "والت ديزني" و"وارنر براذرز" و"باراماونت" وشركات الأفلام الأخرى عن إطلاق أفلام جديدة في روسيا؛ أوقفت آبل وجوجل وفيسبوك ويوتيوب ووأديداس أعمالها في روسيا؛ منعت الوفود الروسية من المشاركة في مهرجان كان السينمائي ومسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن"؛ كما تم استبعاد روسيا من مونديال قطر 2022. ليس هذا فقط، تم إلغاء مشاركة قائد الأوركسترا الروسي الشهير فاليري جيرجيف لاقترابه من الرئيس بوتين؛ وإلغاء العروض الدولية لفرقة موسكو للباليه الملكي؛ وحظر "روسيا اليوم" ووكالة سبوتنيك الروسيتين في دول الاتحاد الأوروبي؛ وتعليق التعاون الأكاديمي بين جامعات ألمانية ودنماركية وبين روسيا، كما تم حظر عمالقة الأدب الروس مثل دوستويفسكي وتولستوي. لكن الروس سخروا من ذلك. أولا لأنهم أعدوا بنيتهم التحتية للبدائل التكنولوجية. أما الأكثر تعبيرا عن ذلك فهو قول الكثير منهم أنّ تلك العقوبات قد تحرم الروس رؤية فيلم خيالي كاذب أو تنورة قصيرة لكنها في الحقيقة تحرم الغرب الغذاء والأكل والطاقة التي تحرك حياته وكل مفاصلها لأن كل ذلك مصدره روسيا لا الغرب.
-
Fehlende Folgen?
-
المجلة الأميركية المعروفة "ناشيونال إنترست" هي نفسها التي أكدت في تحليل لها أن العقوبات الغربية فشلت في تدمير الاقتصاد الروسي، وإن فائض التجارة الخارجية الروسية سجل مستوى قياسيا، والروبل أظهر استقرارا يحسد عليه. ولفتت إلى أن فائض التجارة الخارجية الروسية بلغ في الربع الثاني من هذا العام مستوى قياسيا وسجل 70.1 مليار دولار وكشفت أن هذا النجاح الذي حققه الاقتصاد الروسي كان بفضل ارتفاع أسعار السلع وقدرة روسيا على تصدير النفط والغاز والحبوب والذهب. في المقابل واجهت الدول الأوروبية مشكلة مزدوجة بعد فرضها العقوبات على موسكو، فهي تشكو عجزا في الطاقة، جراء انخفاض الإمدادات من روسيا، بدوره أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى التضخم. وشددت المجلة على أن القيود المفروضة على موسكو تجلب مشاكل للعالم بأسره أكثر مما تجلبه لروسيا نفسها. لكن تقريرا من جامعة ييل الأميركية أيضا انتقد تأكيدات بعض المحللين حول وجود مرونة في الاقتصاد الروسي في مواجهة الجهود الغربية معتبرا أنه لا يوجد طريق لروسيا للخروج من الأزمة الاقتصادية حيث انخفضت كل من وارداتها وصادراتها. وتعاني الميزانية الحكومية من عجز لأول مرة منذ سنوات. وذكر التقرير أن مكانة روسيا كمصدر رئيسي للسلع قد تدهور بشكل لا رجعة فيه، حيث إنها تتعامل الآن مع دول مثل الصين والهند من موقع الضعف مع خسارة أسواقها الرئيسية. فما الحقيقة؟ وهل ما يحدث إعادة تأسيس لمشهد اقتصادي أكثر عدلا تكون فيه الكلمة العليا لمن يوفر للعالم طعامه لا لمن يوفر له التسلية أم أن الأمر يتعلق والتعبير من تقرير جامعة ييل بأوهام بوتين؟
-
في يوليو 1998 ، في سانت بطرسبرغ ، تقدم رئيس الاتحاد الروسي وقتها بوريس يلتسين موكب إعادة دفن رفاة القيصر نيكولا الثاني وعائلته ، الذين قتلهم البلاشفة في عام 1918.كان ذلك محاولة لإعادة ربط خيوط الزمن لتمجيد الماضي الإمبراطوري سبع سنوات بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. ففي ذلك العام أيضا 1998 انهار الروبل وأفلست روسيا ولم يكن من بد سوى استذكار الماضي لأن الروس لم يعد يهمهم منه عقود الانغلاق حسب الغرب ولكن الاستقرار وخشية الآخرين منهم.ذلك ما تنبه له فلاديمير بوتين عندما خلف بوريس يلتسين عام 2000 فأعاد العمل بالرموز السوفييتية مثل الأعلام ونشيد السلام الوطني. وفوق كل شيء ، إعادة تشكيل الرؤية للهوية الوطنية اعتمادا على إعادة تقييم الفترة الشيوعية ،و "المصالحة" مع الفترة القيصرية وتمجيد روسيا العظمى التي تكون قادرة في كل زمان على الدفاع عن البلاد ضد قوى أجنبية دائمة التهديد.بلغت سياسة إعادة السوفييتية للسرديات الوطنية أوجها قبل قليل من بدء الحرب في أوكرانيا في ديسمبر 2021 مع حل جمعية الذاكرة، التي كانت منذ نهاية عقد الثمانينيات تعيد النظر أو تحاكم بعبارة أوضح ما كان يطلق عليه قبل بوتين الجرائم السوفيتية.لقد كان بوتين بذلك يختزل فلسفته السياسية بالتأكيد على أن من لا يفتقد الاتحاد السوفييتي فهو لا يمتلك قلبا ومن يريد إحياءه فهو لا يمتلك عقلا.
-
نصف عام مرّ على انطلاق الحرب في أوكرانيا ويبدو أن الرئيس فلاديمير بوتين بدأ يظهر بحلته الجديدة في زيارات خارجية لدول الجوار الروسي أو في تصريحاته. حيث يبدو مستعداً للذهاب أبعد من مجرد مصافحة كبار مضيفيه، وإنما مصافحة كل الحاضرين وإضافة ذلك بعناق حار وحميم.يستخدم بوتين الكثير من الاتفاقات في الفترة الأخيرة مع دول بحر قزوين وغيرها من الدول في آسيا وأفريقيا. ويشفعها بخطابات حول ضرورة تماسك الحكومات غير الغربية بُغية خلق نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. لأنه يجب السماح لجميع الأمم بتنظيم الذات ومتابعة أهدافها كما تشاء. وفق تعبيره.انصبَّ اهتمام بوتين منذ توليه الحكم في الكرملين عام 2000م، على النطاق الأوراسي حسب الجغرافي البريطاني هالفورد ماكيندر، فالمشروع القيصري، حسب ماكيندر، يربط موسكو عبر دوائر متداخلة بالدول الآسيوية والأوروبية والإفريقية، وتكون أولى حلقاتها دول الاتحاد السوفياتي السابق؛ بوصفها منطقة نفوذ خالصة لروسيا أمام التمدُّد الغربي، من خلال عقد شراكات وثيقة، وفرض نفوذ اقتصادي وسياسي وأمني على الدول التي تشاركها الحدود، أو التدخل عسكرياً عند اللزوم، كما حدث في جورجيا والقرم وأوكرانيا، أو أبعد من ذلك كما في سورية وليبيا وإفريقيا الوسطى. ويرى أنصار المشروع الأوراسي بأن الحضارة الغربية متعثرة ولا تمثل مشتركات بشرية حضارية، وكل محاولاتها للتحديث والنهضة تسير وفق مصالح غربية تقوِّض إرادة الدول المتوسطة والصغيرة، وتستغل حاجاتها وتستنزف مواردها. فكيف يمكن أن يكون المشهد العالمي الجديد وفقا لعقل بوتين؟ وهل سيكون بزوغه نهاية للحروب الباردة أم إعادة إطلاق لها؟